فلسطين أون لاين

نظموا وقفة في رام الله احتجاجاً على تنكر السلطة لوعودها

المحرر جمجوم: حينما تكون مكافأة السلطة للأسرى قطع رواتبهم

...
صورة الأسير المحرر سفيان جمجوم
رام الله/ حازم الحلو:

"هل يُعقل أن أدفع ثمن نضالي ضد الاحتلال بقطع قوت أولادي"، هكذا استهل المحرر سفيان جمجوم من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، حديثه بصوت يملؤه الحزن، فهو أسير محرر في سجون الاحتلال لمدة اعتقال بلغت (20 عاماً) تنقل خلالها في محطات اعتقالية كثيرة، واليوم لا يكاد يستطيع توفير قوت أولاده بعد أن قطعت السلطة راتبه.

ويصف في حديثه لصحيفة "فلسطين"، كيف قطع الراتب لم يكن أقل صعوبة ومشقة عن السجن، "وإذا كان الثمن الذي دفعناه في السجن من أجل فلسطين، فلماذا ترد السلطة على ذلك بحرمان أطفالي من قوت يومهم وحق أبيهم؟!، هكذا يتساءل.

ولا تقتصر المأساة على المحرر جمجوم، فعشرات الاسرى المحررين يعانون ذات الأمر، ويجدون صعوبات بالغة في توفير متطلبات الحياة، إذ لا يستطيع الاسرى بسبب قطع رواتبهم التقدم لأي وظيفة مدنية بسبب الحرمان الأمني الذي يصاحب عملية قطع الرواتب.

ويشير جمجوم إلى أن أحد أصدقائه المحررين ممن قطعت السلطة راتبه توجه للعمل في مهنة "الطوبار" الشاقة رغم أنه يحمل شهادة جامعية عليا في مجال تخصصه، وهو سبيل أُضطر له بسبب صعوبات الحياة وعدم تلقيه راتبا ماليا يكفيه مؤونة العمل الشاق.

ويضيف: "لا يوجد سبب منطقي أو مسوغ قانوني لقطع الراتب، بل إن الراتب هو حق قانوني للأسير، وبالتالي فإن قطعه يعد جريمة بالتعدي على القانون بشكل واضح لا نقاش فيه".

ويرفض جمجوم بشكل قاطع سلوك السلطة بتحميل الأسرى المحررين وزر الانقسام ومعاقبتهم على قضية لم يكونوا طرفا فيها، ويضيف: "نحن من أكبر ضحايا الانقسام في الضفة الغربية، فقد قطعت رواتبنا من غير وجه حق، دون ان نُبلغ بأن رواتبنا قطعت بشكل رسمي حيث ترك الامر للمماطلة وتحت حجج كثيرة، حتى تبين لنا ان الرواتب قطعتبقرار سيادي".

وذكر أن أطفاله حينما يسألونه عن سبب عدم تلقيه راتبه الشهري فإنه لا يجد إجابة شافية لهم، فهم ولدوا ووالدهم يتنقل في محطات السجن المختلفة، وبدلا من مكافأته وتقديره أمام أطفاله فإن السلطة قطعت راتبه وتركته حائرا أمام أطفاله.

وإزاء هذه الاوضاع الصعبة، كان لا بد للمحرر جمجوم ومعه باقي الأسرى من التوجه الى الطرق القانونية من أجل تحصيل حقهم في الراتب، فقاموا برفع دعوى قضائية ضد الحكومة وحينما وصلت إلى مرحلة التقاضي الاخير قامت محكمة العدل العليا بتغيير القاضي لأنها شعرت بأنه يتعاطف مع قضية المحررين ثم رفضت الحكم في القضية بزعم أنها ذات بعد سياسي.

وتوجه جمجوم إلى الفعاليات الشعبية كملاذ آخر من أجل الضغط على السلطة لإرجاع راتبه هو وبقية رفاقه المحررين، فنظموا أمس، وقفة للاحتجاج على تنكر السلطة لوعودها بحل ملفهم العالق منذ سنوات.

وذكر أن المحررين حاولوا الاعتصام امام مقر رئاسة الوزراء في مدينة رام الله، الا ان العناصر الامنية منعتهم من ذلك وابعدتهم عن المكان، ما اضطرهم للاعتصام في اقرب نقطة على مقر رئاسة الوزراء.

واوضح جمجوم ان الاسرى خاضوا قبل عام اضرابا مفتوحا عن الطعام العام الماضي، واقاموا خيمة اعتصام على دوار الشهيد ياسر عرفات وسط مدينة رام الله، حيث حظي الاضراب بتفاعل جماهيري واهتمام شعبي، ما دفع السلطة الى التعامل مع ملفهم عبر وعودات من الحكومة والاجهزة الامنية بإنهاء معاناتهم وإرجاع رواتبهم.

وأكد جمجوم أن المحررين أوقفوا في حينه خطواتهم الاحتجاجية وإضرابهم عن الطعامبعد تدخل رئاسة مجلس الوزراء، ومؤسسة الرئاسة، وجهات في منظمة التحرير، على أمل أن ينتهي هذا الملف في غضون شهر، مشيرا إلى أنه وبعد عام كامل فإن الملف ما زال كما هو، والوعد الذي قُطع لهم لم ينفذ.

واعتبر أن العودة للشارع هي خطوة المضطر لإعادة الملف للرأي العام الفلسطيني، مضيفاً: "نحن أبناء الشعب الفلسطيني، ناضلنا باسمه ولسنا غرباء، ولسنا نحن من نتحمل وزر الانقسام ولذلك نطالب بحقنا كما جاء في القانون".

وحول تنكر السلطة لوعودها بحل الأزمة، قال جمجوم: "لقد أبرم الاتفاق قبل عام، على أعلى مستوى سياسي في السلطة، وكان يقضي بإعادة صرف الرواتب للأسرى، والاعتراف بأنهم أصحاب حق"، مضيفا أن الرواتب منذ ذلك الاتفاق لم تصرف ولم يتحرك الملف قيد أنملة.

وشدد جمجوم على أن خطوات الاسرى المحررين القادمة لن تكون سهلة، وقال: "نحن مصممون على البقاء في الشوارع حتى نيل حقوقنا كاملة، ولن نعود لبيوتنا إلا بحقوقنا كاملة وحقوق أولادنا".

ومنذ عام 2007 قطعت السلطة الفلسطينية رواتب عشرات الاسرى المحررين وبعض الاسرى في سجون الاحتلال.

وعود مجمدة

وفي ذات السياق، أكد الأسير المحرر علاء الريماوي، أن الوعود كافة التي تلقاها الأسرى خلال إضرابهم العام الماضي لم تنفذ، مشيرًا إلى أن قيادات السلطة زعمت -فيما مضى- أن قطع رواتب الأسرى كان عن "طريق الخطأ"، وأن أحدا ما لم يقم بتصحيح ذلك.

وأضاف خلال الوقفة: "في الأيام القادمة سنقطع الطريق على المسافات.. لن نضرب ونجلس في الشارع ننتظر الوساطات.. سنذهب لإضراب عن الماء بشكل مباشر، فنحن مجبرون للدفاع عن قوت أولادهم، وإن قضيتهم ليست قضية تسول، بل هي حق مشروع لكل أسرى شعبنا دون تمييز".

وأكد أن "الساحة الفلسطينية لا تحتمل التحشيد، والاستفزاز، فهي مليئة بملفات كثيرة"، داعيا الجهات المعنية كافة للتحرك العاجل والفوري لتسوية ملف الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم.