فلسطين أون لاين

نبيل عمرو والشرعيات المحسومة

مساحة حرة

كتب نبيل عمرو القيادي في حركة فتح مقالا بعنوان "لماذا فشلنا؟ وكيف ننجح؟"، قرأت المقال وتوقفت مليا عند فقرة : "إن شرعية السلطة والرئاسة والمنظمة التي لا إنكار لها ولا نقاش عليها داخليا وإقليميا ودوليا، أهدرت نفسها حين صارت طرفا يقابل طرفا آخر في صراع داخلي، فالشرعية المحسومة أهم وأثمن من اعتبارها مجرد دعم للرصيد في الصراع الداخلي، فهي بكل المقاييس صاحبة القرار"، هذه الفقرة هي الإجابة الدقيقة عن سؤاله: لماذا فشلنا؟ فالفشل ليس كما يدعي وإنما كما يفكر ويعتقد. الرجل بطبعه منطقي، ويعرف كيف يزن الأمور، ولكنه في هذا المقال شطح بعيدا، وحاول تزوير الواقع والتدليس على القراء.

يعتقد أنه لا إنكار لشرعية السلطة والرئاسة والمنظمة، والسلطة بعد استثنائه الرئاسة هي المجلس التشريعي، وصلاحيات المجلس أعلى من صلاحيات الرئاسة حسب الدستور الفلسطيني، وليس حسب اعتقادي الشخصي، ولا حسب اجتهاد المجتهدين وتطبيل المطبلين، ونحن نعلم أن حماس لها الأغلبية في المجلس التشريعي، وهذا يعني أن حماس لديها سلطة شرعية، ولكن أين هو المجلس التشريعي الآن؟ أما شرعية الرئاسة فهي مستمدة من الدستور، ولكن الدستور حدد مدة غير قابلة للتمديد للرئيس، بعكس المجلس التشريعي الذي تنتهي صلاحياته فقط بانتخاب مجلس جديد مهما طالت مدته، والأصل ألا تزيد على أربع سنوات.

أما بخصوص منظمة التحرير فمن أين استمدت شرعيتها؟ استمدتها من جامعة دول عربية لا تمثل شعوبها، والدليل أن غالبية رؤساء تلك الدول انتهى بهم المطاف إما مخلوعين أو محروقين أو مقتولين، وبعض من تبقى منهم أصبحوا مثل رؤساء العصابات يحكمون شعوبهم بالحديد والنار، فهل مثل هؤلاء يمنحون الشرعيات؟ وإذا قيل إن المجتمع الدولي أعطى منظمة التحرير الشرعية نقول إن هذا تلفيق، فالمجتمع الدولي اعترف باتفاقية أوسلو ولا مكان لمنظمة التحرير في الاتفاق إلا في حدود مرحلية وضيقة جدا. الولايات المتحدة الأمريكية أغلقت مكاتب منظمة التحرير ولا تعترف بها.

قبل أربع سنوات أجريت انتخابات تشريعية في تونس، فحصل حزب نداء تونس على 80 مقعدا من أصل 217 أما في الانتخابات الحالية فأعتقد أنه لم يحصل على أكثر من مقعد أو اثنين، وهذا يعني أن الشرعيات تتبدل وتتغير في أربع سنوات، فكيف لا تتبدل بعد خمسين عاما وقد تبدل أصحاب القرار؟ فهم اليوم يهرولون تجاه دولة الاحتلال (إسرائيل) وقد منحوها شرعية أقوى من شرعية المنظمة، وكذلك فعلت الولايات المتحدة الأمريكية والكثير من الدول الأوروبية، فإلى متى سنتحدث عن الشرعية المزعومة لمنظمة التحرير وخاصة أن كل فصائلها لم يجتازوا مجتمعين نسبة الـ 50% في آخر انتخابات تشريعية؟

إذا أردنا أن ننجح علينا الاعتراف بالواقع وببعضنا بعضا، وعلينا الابتعاد عن التضليل والاستعلاء والفوقية لأنها زائفة وبائن زيفها، ثم علينا الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية على الأقل. أما انتخابات تشريعية ثم تتلوها انتخابات رئاسية فلن توافق عليها حركة حماس، وخاصة أن الرئاسة منحت نفسها حق حل المجلس التشريعي، وما الضامن عدم حل المجلس القادم في حال فوز حماس؟ ثم ما من ضامن يضمن إجراء انتخابات رئاسية بعد التشريعية ونحن نعلم أن ثلاثة أشهر بالمفهوم العالمي قد تعني ثلاثة عقود بالمفهوم الفلسطيني الحالي.