فلسطين أون لاين

هكذا تنظر الاستخبارات الإسرائيلية إلى المشهد الفلسطيني

درجت العادة لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية أن تقدم ما يمكن وصفه كشف حساب عن أعمالها خلال العام المنصرم، وتحضيراتها للعام المقبل، وسط وضع تقديرات موقف وسيناريوهات استشرافية للقضايا محل النقاش، لا سيما تلك التي تتصدر اهتمامات الرأي العام الإسرائيلي، والنخب السياسية والأمنية الحاكمة.

آخر هذه القراءات الاستشرافية للمشهد الفلسطيني جاءت على لسان الجنرال درور شالوم رئيس شعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، الذي يمسك ببنك معلومات غزير حول تطورات الواقع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولديه من المعطيات ما يؤهله لأن يقدم رأيًا اعتباريًّا فيما يحصل اليوم، وما قد يقع من أحداث يوم غد.

يؤكد شالوم أن "منظومة العلاقات القائمة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية التي تعتمد توفير مستوى معيشي معقول للفلسطينيين، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية، والأهم من ذلك استمرار التنسيق الأمني المجدي مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، يعتمد بدرجة كبيرة على أبو مازن شخصيًّا، وهذا استنتاج يدركه كثير من كبار الضباط الإسرائيليين".

شالوم يعتقد أن "أبو مازن هو حجر الزاوية الجوهري في الهدوء الأمني الذي تعيشه إسرائيل منذ عام 2006، ولذلك يصعب رؤية خليفة له يقدم مواقف معتدلة وبراغماتية أكثر منه، مما يتطلب من إسرائيل أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار".

بالانتقال إلى المشهد في قطاع غزة، يرى شالوم أن "أي معركة عسكرية جديدة ضد حماس في قطاع غزة لن تضيف شيئًا جيدًا لإسرائيل، ولن تكون بعدها أكثر قوة، فكل ما سيحدث في نهاية المواجهة أن يعود الجانبان، إسرائيل وحماس، إلى النقطة ذاتها التي نجد أنفسنا فيها اليوم، حيث سينشأ حوار بينهما حول هدنة طويلة الأمد، تتضمن وقفًا لإطلاق النار".

هاتان الرسالتان اللتان بعث بهما شالوم الذي يمثل المؤسستين الأمنية والعسكرية يرد بهما على المؤسسة السياسية التي يقودها اليمين الإسرائيلي، التي ترى أن محمود عباس ليس شريكًا للسلام، والسلطة الفلسطينية باقية أساسًا بفضل الجيش الإسرائيلي، وأن التنسيق الأمني يعمل لصالح الفلسطينيين، وأنه هامشي من ناحية الأهمية من وجهة نظر حكومات نتنياهو المتعاقبة.

بالنسبة لغزة، يفند شالوم القناعات السائدة في المستوى السياسي اليميني التي تعتقد أنه لا خيار أمامنا إلا الذهاب إلى معركة عسكرية جديدة في قطاع غزة تؤدي لإخضاع حماس.

الاستخلاص الأهم فيما ذهب إليه العقل المدبر للاستخبارات الإسرائيلية أن الحكومة القادمة ستكون ملزمة بقراءة المؤشرات الأساسية التي يعيشها المشهد الفلسطيني، ومفادها بأن من يريد السلام مع الفلسطينيين يجب عليه الدخول في مفاوضات مع عباس، فليس من بديل له أفضل لإسرائيل، أما أي عملية عسكرية إسرائيلية ضد حماس في غزة، فستكون خطأ كبيرًا.