ليس سراً أن الهجمات الإيرانية الأخيرة على المنشآت النفطية السعودية أثارت قلق إسرائيل، لما كشفته من قدرات عملياتية لطهران، مما جعل هذا الحدث يكتسب أهمية كبيرة بنظر دوائر صنع القرار الإسرائيلي، في جانبها العسكري.
وصفت (إسرائيل) الهجمات الإيرانية على السعودية بالاستثنائية، لأنها أثبتت أن إيران لديها إمكانيات عملياتية ذات آثار كبيرة، قادرة على الإيلام، وإحداث تشويشات على ضخ النفط في الأسواق العالمية.
وشكلت هذه الضربات الإيرانية للسعودية ساعة منبه لإسرائيل، بسبب الحيثيات التي رافقتها، فالقدرات الإيرانية قد توجه في لحظة ما ضد إسرائيل، مما يتطلب من منظومتها الأمنية الاستعداد جيدا لهذا السيناريو، وحدا بالمستويات العسكرية والاستخبارية والعملياتية في (إسرائيل) لتعقب الضربات، وإجراء استخلاصات لنتائجها.
توصلت الدوائر الإسرائيلية لنتائج خاصة بالهجمات الإيرانية على السعودية، فقد أظهرت قدرات على التخطيط والتنفيذ اللافتين، بدليل تأثيرها السلبي على تصدير النفط، بغض النظر عن الوسائل القتالية المستخدمة فيها، سواء صواريخ، أو طائرات انتحارية مسيرة من دون طيار.
تتركز المؤشرات الإسرائيلية تجاه الضربات الإيرانية في مداها الطويل، فنحن نتحدث عن مسافة تصل إلى 650 كيلومترا، كما تم إرسال هذه الوسائل القتالية المهاجمة عبر الاستهداف الليلي الدقيق.
أكثر من ذلك، لعل من أهم الاستخلاصات الإسرائيلية من هذه الهجمات أن إيران لديها إمكانيات استخبارية دقيقة جيدة، سواء في اختيار الأهداف المرشحة للهجوم، وتشخصيها جيدا، أو التوافق على طبيعة الأسلحة المستخدمة فيها، واللافت أن هذه الوسائل القتالية تبين أن تشخصيها، ومنعها من الوصول إلى أهدافها، لم يكن متاحًا لدى السعودية.
توقفت الأوساط العسكرية والأمنية في (إسرائيل) إلى أن السعودية لم تستخدم إطلاق صواريخ مضادة لإسقاط الصواريخ والطائرات الإيرانية، رغم المليارات التي أنفقتها المملكة على دفاعاتها الجوية، وانتشار هذه المنظومات في كل أنحائها، على خلفية التوتر الناشب في المنطقة، لكنها ظهرت غير فاعلة، وليست مجدية أمام بعض الهجمات المتواضعة.
خلصت المنظومة الإسرائيلية إلى أننا نتحدث عن صواريخ إيرانية دقيقة، ونسبة الخطأ في إصابتها لا تزيد على ثلاثة أمتار، مما أظهر لـ(إسرائيل) أن إيران ذات قدرات تكنولوجية دقيقة، قادرة على استخدامها في شن هجمات بعيدة ومتوسطة المدى، بصورة دقيقة وفاعلة.
الاستخلاص الأهم والأخطر بنظر إسرائيل، أن الهجمات الإيرانية جعلتها تدرك أنها أمام قدرات تكنولوجية تقنية عالية المستوى، وبنية تحتية استخباريّة، وتنسيق عملياتي متقن، مما يجعلها مقتنعة أن المنظومات القتالية التي تحوزها لاكتشاف التهديدات الصاروخية الإيرانية ليست كافية، ويتطلب منها ضرورة التصدي لهذه القدرات، التي ضربت أهدافا سعودية تبعد عنها مسافة 650 كيلومترا، ما يعني أن بإمكانها إصابة وتدمير كل نقطة في (إسرائيل).