قرار برلمان الاتحاد الأوروبي القاضي بعدم وقف تمويله لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، داعم وإيجابي، وربما عطَّل المساعي الإسرائيلية الأمريكية لتصفيتها لكنه لم يُنْهِها، إذْ سيبقى وجود المؤسسة الأممية مثار قلق بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي؛ لكونها شاهدًا أصيلًا على نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، الأمر الذي يعرقل خطوات (إسرائيل) لتصفية القضية الفلسطينية، بحسب مختصَّين.
وكان النواب الأعضاء في لجنة الموازنة بالبرلمان الأوروبي أفشلوا، أول من أمس، مشروعًا لقطع أموال الاتحاد الأوروبي عن "أونروا".
وذكر المختصان بشؤون اللاجئين، في حديثين منفصلين لصحيفة "فلسطين، أن محاولات وقف تمويل "أونروا" لن تكون آخر محاولات الاحتلال لابتزاز الوكالة الأممية.
رئيس المكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين في مخيمات قطاع غزة، خالد السراج، اعتبر قرار البرلمان الأوروبي "لا يُنهي المخاوف بشأن أونروا، حيث هناك سياسة أمريكية إسرائيلية من خلال الحزب المسيحي الديمقراطي بأوروبا؛ لتجفيف موارد التمويل لها، لتصبح غير قادرة على تقديم خدماتها للاجئين"، إلا أنه عدَّ الموقف الأوروبي "نصرة للحق الفلسطيني وعدالة قضيتنا، وموقفًا إنسانيًّا وأخلاقيًّا لصالح شعبنا المنكوب".
ولفت السراج إلى أن المحاولات الأمريكية الإسرائيلية لإلغاء أونروا ووقف تفويضها بالأمم المتحدة لن تنتهي، ضمن سياسة تهدف لتنفيذ "صفقة القرن" ومخططاتها تجاه القدس واللاجئين، إذا ما شعر الطرفان أن هناك رغبة لدى المجتمع الدولي بتجديد تفوضيها مدة ثلاث سنوات أخرى.
وأضاف أن القرار الأوروبي لا يعني إنهاء قلق الفلسطينيين، أو أنْ يأمنوا أو يركنوا، فالسياسة الإسرائيلية الأمريكية لتجويع الفلسطينيين وابتزازهم لا يمكن أن تنتهي إلا بحل القضية الفلسطينية حلًا عادلًا وفقًا للقرار الأممي 194 القاضي بعودة اللاجئين إلى ديارهم.
شاهد أممي
وأشار السراج إلى أن بقاء "الأونروا" بالنسبة للاحتلال يعني استمرار الشاهد الأممي والدولي الحقيقي على نكبة شعبنا، كما أن محاولات تطويع القرار الأوروبي يأتي ضمن المحاولة الأمريكية الإسرائيلية لجعله أداة لسياستهم المستقبلية تجاه قضايا العالم ومنها القضية الفلسطينية.
وقال: "الدول الأوروبية لها كيانها ووجودها ولا تعمل وفقًا للسياسة الأمريكية الإسرائيلية، فهي صاحبة مشروع حل الدولتين الذي سيقضي بإنهاء الأونروا، وسيمثل ذلك تناقضًا في الأفكار الأوروبية".
بدوره رأى رئيس اللجنة الشعبية للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة معين أبو عوكل، أن المخاوف بشأن أونروا، لم تنتهِ بالقرار الأوروبي، إذْ لا يزال هناك تصويت نهائي في ديسمبر/ كانون الأول القادم، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على تجديد التفويض للمؤسسة الأممية من عدمه.
وقال أبو عوكل: إن "الرفض الأوروبي أثلج صدورنا، حيث أثبت اليقين الأوروبي بأن الشعب الفلسطيني لم يستوفِ حقه وفقًا لقرار الأمم المتحدة 194 القاضي بعودتهم إلى ديارهم، وهناك أصدقاء وحلفاء أوروبيون كُثر للشعب الفلسطيني، فلم يستجيبوا لضغوطات الاحتلال بشأن إنهاء عمل أونروا".
وأضاف: "الأمر مختلف لدى الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب، إذْ إنها نصَّبت نفسها عدوًّا للشعب للفلسطيني حينما أعلنت القدس عاصمة مزعومة للاحتلال، ونقلت سفارتها إليها، وأوقفت مساهمتها في ميزانية الأونروا والتي تُقدر بثلثها".
أزمة دبلوماسية
وعدَّ أبو عوكل أن "أونروا" تمثل أزمة دبلوماسية لـ(إسرائيل) التي حينما تتحرك دبلوماسيتها حول العالم فإنها تصطدم بلاجئين، ما يحرجها أمام المجتمع الدولي.
وقال: "حين يهاجر اللاجئ الفلسطيني من القصف في سوريا للموت غرقًا وهو في طريقه إلى أوروبا، ويعاني اللاجئ في قطاع غزة تحت الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 13 عامًا، ويعيش نظيره في لبنان أوضاعًا غاية في الصعوبة بسبب القرارات الحكومية الأخيرة، يجعله في أشد الحاجة للأونروا التي لا يُسمح بإنهاء عملها في هذه الأوضاع".
ولفت إلى أن الإسرائيليين والأمريكيين حينما عجزوا عن حل "أونروا" لجؤوا حاليًّا لإحداث خلل في ميزانيتها، بحيث تعجز عن القيام بمهامها وترفع الراية، كنوع من الضغط على اللاجئين في غزة وسوريا ولبنان لترحيلهم خارج المخيمات وإنهاء قضيتهم، مبينًا أن كثيرًا من اللاجئين الفلسطينيين تحت وطأة القتل والقصف في سوريا والفقر والحاجة في لبنان لجؤوا للهجرة خارجهما.