قضت محكمة أسترالية بحق المواطن إبرهارد فرانك (79 عامًا) في تسجيل "فلسطين" رسميًّا كمكان لولادته على جواز سفره بعد معركة قانونية طويلة خاضها مع القضاء الأسترالي. يقول فرانك: "طوال حياتي، أخبرني والدي أنني ولدت في فلسطين، ولدي شهادة ميلاد بعنوان حكومة فلسطين تذكر أنني ولدت في يافا، فلسطين".
هذا الأجنبي لا يربطه بفلسطين رابط إلا أنه ولد فيها، فلا هي وطنه ولا فيها مقدساته وربما لا تكون له فيها ذكريات، ولكنه مع ذلك دافع عن حق الاعتراف بفلسطين مسقط رأسه، فكيف نتخلى عن يافا وحيفا وعكا وكل المناطق المحتلة عام 1948 وأجزاء من المناطق المحتلة عام 1967؟ هذا درس قمة في البلاغة لفصائل منظمة التحرير التي تخلت عن ثلاثة أرباع الوطن وما زالت تصارع من أجل الظفر بربع لم تتخلَّ عنه بعد، وملأه الاحتلال بالمستوطنات والشوارع الالتفافية والحواجز والجدران، وكثير من الأراضي تم ضمها لمناطق 48.
شاهدت مقطع فيديو لشاب فلسطيني يافع متحمس يدافع عن برنامج منظمة التحرير ويقارن بين "تنازلات" حماس وصمود المنظمة وتمسك الشباب الفتحاوي بفلسطين من البحر إلى النهر. أنا شخصيًّا أشهد أن كل الفتحاويين -ما عدا الرسميين- لا يعترفون بشرعية الاحتلال الإسرائيلي، ولا يوجد أي فلسطيني سوى الموقعين على اتفاقية اوسلو والمسوقين لها يمنحون الشرعية للمحتل الإسرائيلي، ولو أن أمرًا صدر عن منظمة التحرير لإشعال الأرض تحت أقدام الاحتلال لما تخلت قواعد فتح وباقي الفصائل عن الثورة المسلحة، ولكن المنظمة شطبت الكفاح المسلح وتمسكت بالمفاوضات ثم المفاوضات حتى تصعد الروح إلى بارئها.
حماس لم تعترف بشرعية الاحتلال ولن تعترف ولذلك من العبث مقارنة برنامج منظمة التحرير مع برنامج حماس، والأحاديث الحماسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسقط عند أول تصريح رسمي لقادة منظمة التحرير يعتبر "إسرائيل" جارًا من حقه الحياة بسلام إلى جانب جاره الفلسطيني، ولكن المهم في الموضوع أن الشباب الذين يعتبرون المنظمة ممثلهم الشرعي والوحيد يخجلون من الاعتراف ببرنامجهم السياسي، يرفضون الاعتراف بشرعية الاحتلال، يحلمون بالعودة إلى الكفاح المسلح وأمجاد حركات التحرر الوطني، ولذلك أقول إن أحلام اليوم هي حقائق الغد كما قال أحد الصالحين، لأن مصيرنا هو الوحدة الوطنية على أساس برنامج وطني لا يحمل أي بشارة للكيان الإسرائيلي الغاصب.