تقدير موقف
عند الحديث عن المواقف العربية والإقليمية من نتائج الانتخابات الإسرائيلية، يبدو لافتًا أن هذه المتابعة العربية للدورة الانتخابية الثانية في إسرائيل تمت دون تدخل عربي واضح كما حصل في انتخابات أبريل، فلم تجر اتصالات هاتفية بين الزعماء العرب ونتنياهو، أو توجيه دعوات له لزيارات عواصم عربية، رغم أن الاتصالات "السرية" تتم في ذروتها بين هذه الأطراف مجتمعة، ومع ذلك فلم تحصل لقاءات عربية إسرائيلية حتى اللحظات الأخيرة قبيل الانتخابات مع نتنياهو.
عدم تحمس القاهرة للعثور على منافس لنتنياهو، يفسر عدم تواصلها مع باقي الأحزاب المنافسة لليكود، مثل أزرق-أبيض أو العمل أو القائمة المشتركة، ورغم أن مصر لا تتواصل مع الأحزاب السياسية الإسرائيلية المتنافسة، لكن سفيرها في تل أبيب يرسل التقارير الدورية تباعا إليها، وأفادت حتى مرحلة ما قبل إعلان النتائج أن نتنياهو حظوظه كبيرة للفوز، رغم التحذير بأن الخيارات كلها مفتوحة.
مع العلم أن السيسي لم يلتقِ بيني غانتس حتى اليوم وجهًا لوجه، ولكن في حال سئل من يفضل من المرشحين الإسرائيليين، فسيكون جوابه على الفور نتنياهو، لأنه قدم له خدمات جليلة، فقد سمح له بتجاوز الاتفاقيات الموقعة بينهما، وأدخل قوات مسلحة من الجيش المصري لسيناء، ويتحدث معه هاتفيا عن غزة، وعمل نتنياهو لصالح السيسي لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي العلاقة بين القاهرة وواشنطن توجد أصابع واضحة للجالس في مقعد رئيس الحكومة الإسرائيلية في تل أبيب.
عند الحديث عن خيارات الأردن، فالوضع فيه معقد، فمن جانب واحد فإن التنسيق الأمني والعسكري على أشده بين عمان وتل أبيب، ومن جهة ثانية فإن إعلان نتنياهو عن ضم غور الأردن قبل أيام قليلة من الانتخابات الإسرائيلية ترك ردود فعل سلبية في القصر الهاشمي، ويبدو أن الملك الأردني عبد الله الثاني يفضل الجلوس مع رئيس حكومة إسرائيلية جديد، يشعره بمدى أهمية التعاون الأمني والاستخباري بين البلدين.
أما السعودية بزعامة ابن سلمان، فترى أن نتنياهو مريح لها، خاصة على صعيد تبادل الرسائل السرية حول العدو الإيراني المشترك، ويمكن القول: إن ولي العهد السعودي يتوافق مع نتنياهو في النظر للتهديد الإيراني، وكلاهما يتوجسان من لقاء مرتقب بين ترامب وروحاني.
عند قراءة الموقف الإيراني، يظهر أن طهران أبدت ترحيبا لا تخطئه العين بهزيمة نتنياهو، رغم بقاء قلقها من قدرته على تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة بسبب التوازنات الدقيقة في النظام السياسي والانتخابي الإسرائيلي، فالرجل لم يقصر في الضغط على طهران، بل ومهاجمتها سياسياً وأمنياً وعسكرياً، وممارسة تأثيره ونفوذه لدى البيت الأبيض في فرض المزيد من العقوبات عليها.