ربما كان يتوقع البعض أن تواجه مبادرة الفصائل الأخيرة برفض حركة حماس لها أو بالموافقة المشروطة عليها قبل أن تقدم فتح ردها، ولكن ما حدث جاء مغايرًا للتوقعات حيث لأول مرة توافق حركة حماس على مبادرة دون أي شروط، بعكس المرات السابقة حيث كانت إما ترفض وإما تقبل بشروط، ثم لا تجني بعد ذلك سوى الملامة من غالبية الأطراف الفلسطينية، رغم أن تحفظاتها أو شروطها تكون شرعية.
الفصائل الثمانية وخاصة فصائل منظمة التحرير أصيبت بإحراج شديد بعد الموافقة غير المشروطة لحماس والرفض غير الرسمي من جانب حركة فتح، بل هناك من سخر من التنظيمات ومن المبادرة واعتبر التنظيمات لعبة بيد حماس عندما قيل إن المبادرة حمساوية، حماس صاغتها وهي التي وافقت عليها. قد يكون رفض العديد من قادة فتح للمبادرة غير رسمي ولكن هم مشاركون أساسيون في صناعة القرار، ولم نسمع أي منهم يوافق عليها حتى لو بشكل غير رسمي، وهذا دليل على أن موافقة لاحقة سيكون مثيرًا للدهشة. أقول إن فصائل منظمة التحرير أصيبت بالإحراج لأنها مضطرة للتراجع عن تهديداتها بكشف الجهة المعطلة للمصالحة ولن تجرؤ على محاولةتحريك "المليونيات" للضغط على حركة فتح.
الذهاب إلى الانتخابات وخاصة بعد كلمة الرئيس في الأمم المتحدة ووعده بالدعوة لإجراء انتخابات عامة أصبحت هي الحل الوحيد ما لم يجد جديد، وبذلك لن يكون هناك إضاعة للمزيد من الوقت لإعادة البحث في تطبيق كامل بنود المصالحة الواردة في الاتفاقات السابقة، إنما الاكتفاء بما يتعلق بالتحضير للانتخابات، وهنا ننبه إلى أن البنود الأساسية في الاتفاقات السابقة والتي تتحدث عن دور الحكومة إنما تقصد حكومة الوفاق الوطني وليست حكومة أخرى حلت محلها دون توافق، ولذلك فإن اتفاقية القاهرة 2017 غير قابلة للتطبيق لغياب حكومة التوافق المكلفة بتنفيذ اتفاقات معينة وخاصة "التمكين" في قطاع غزة والتحضير لإجراء انتخابات وغيرها من المهام التي كلفت بها.
يبقى أن نذكر أنه من الممكن أن نذهب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية لا علاقة لها بالمصالحة واتفاقاتها السابقة أو نذهب إلى انتخابات عامة "تشريعية ورئاسية ومجلس وطني" كجزء من تطبيق بنود المصالحة، وحتى لا نقع في المحظور والتفسيرات المختلفة أعتقد أن انتخابات غير مرتبطة بالمصالحة أفضل ومعوقاتها أقل بكثير، ولأنه لا يمكن إجراء أي انتخابات دون توافق حمساوي فتحاوي لا بد من حوار فصائلي للاتفاق على آلية إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية يقبل بنتائجها الجميع من أجل اختيار ممثلين جدد للشعب الفلسطيني ومن ثم يتم فتح ملف المصالحة ومنظمة التحرير وأي ملف آخر.