شكل حصول نتنياهو على تكليف رسمي للبدء بتشكيل الحكومة المقبلة، فرصة لإفساح المجال للحديث بصورة موسعة عن الفرص المتاحة أمامه لبيان نجاحه أو إخفاقه بهذه المهمة، والمدة الزمنية المتاحة أمامه، ويطرح تساؤلات مشروعة حول فرضية فشله بتشكيل الحكومة، كيف سيكون السيناريو التالي، وهل تعود الكرة من جديد لخصمه غانتس، أم يجبرهما رئيس الكيان على تشكيل حكومة وحدة وطنية؟
يأتي تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة محاطا بكثير من المصاعب والعقبات، فطريقه من جديد للحصول على ولاية خامسة لرئاسة الحكومة الإسرائيلية ليست معبدة، وهناك جملة إشكاليات سياسية وحزبية وقضائية قد تحول بينه وبين أن يقضي أربع سنوات جديدة في مقر رئاسة الوزراء.
من المتوقع أن يستغرق الوقت المحدد لنتنياهو لتشكيل الحكومة 28 يوما، مع خيار التمديد لـ14 يوما أخرى، وإذا فشل في مهمته هذه، يمكن لرئيس الدولة أن يعطي التفويض لخصمه غانتس، أو قد يعلن أنه لا أحد لديه فرصة تشكيل الحكومة، وبالتالي فإن الكنيست سوف تحل مرة ثانية، ويبدأ التحضير لانتخابات ثالثة.
يأتي تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة الإسرائيلية عقب فشل محادثاته مع غانتس بعد لقائهما بالرئيس الإسرائيلي، حيث تعثرت المفاوضات بينهما، بعد رفض غانتس لخيار التناوب على رئاسة الحكومة شرط أن يترأسها نتنياهو في العامين الأولين، ثم يقودها هو في العامين التاليين، وعقب هذا الفشل بدأ غانتس بمهاجمة نتنياهو بعد تكليفه بتشكيل الحكومة، قائلا: "لن نجلس بحكومة يرأسها شخص موجه له اتهامات خطيرة".
أحد الإشكاليات المعقدة التي تواجه مسيرة نتنياهو في تشكيل حكومته بناء على كتاب التكليف، تتمثل في البعد القانوني القضائي، حيث يتزامن بدء مشاورته مع الكتل البرلمانية المتوقع أن تتحالف معه مع بدء العد التنازلي لعقد جلسة استماع له أمام الجهات الشرطية والنيابية في (إسرائيل)، مع تزايد التوقعات بأن توجه عقبها لائحة اتهام ضده، الأمر الذي سيجبره على وقف مشاوراته الائتلافية، والانشغال بتعيين طاقم محامين للدفاع عنه خشية الذهاب إلى السجن.
في ظل هذا المأزق، وعدم إيجاد حلول ناجعة تضمن نجاح نتنياهو بتشكيل الحكومة، فإن الأوساط السياسية والحزبية الإسرائيلية لم تستبعد أن تذهب إسرائيل إلى انتخابات ثالثة، وهو سيناريو بدأ يلوح في الأفق، مع أن ذلك قد يسبقه إمكانية أن يكون نتنياهو قد اتهم في قضايا الفساد ضده، وفي هذه الحالة فإن المحكمة الإسرائيلية العليا قد تمنع تكليفه من تشكيل الحكومة إذا تقررت محاكمته.
أكثر من ذلك، فإن خبراء القانون الدستوري في إسرائيل، يقدرون الوضع القانوني الصعب لنتنياهو، بحيث إذا قرر المستشار القضائي توجيه الاتهام إليه، فمن المرجح أن يمنعه من المبادرة لخوض جولة انتخابات ثالثة، وهذا أسوأ ما قد يتوقعه نتنياهو.