رغم السباق الانتخابي الذي خاضه بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود، وبيني غانتس زعيم حزب أزرق-أبيض، والتنافس القائم بينهما للوصول إلى مقر رئيس الحكومة الإسرائيلية، فإن الفروقات بينهما لا تكاد تكون كبيرة، فهذان الخصمان متشابهان في مواقفهما السياسية حول جملة قضايا أساسية تهم الرأي العام الإسرائيلي مثل هضبة الجولان، لكنهما مختلفان في طبيعة الإعراب عن هذه المواقف بالتصريحات الإعلامية.
إن العثور على فروقات واختلافات أساسية بين الرجلين أمر تحيط به كثير من الصعوبات، رغم أن نتنياهو يبدي اختلافا جوهريا في صوته العالي بتصريحاته خلال الانتخابات وقبلها وبعدها، في حين أن السياسي المستجد غانتس ليس لديه ذلك الإرث السياسي غير العسكري الذي يمكنه من التعبير عن مواقفه بهذه الطريقة.
تحدث غانتس في دعايته الانتخابية بكثير من العموميات والضبابية، لكننا عند البحث والتحري لن نجد أنهما بعيدان جدا عن بعضهما، ويظهر ذلك مثلا في مواقفهما المتشابهة من بقاء هضبة الجولان تحت السيطرة الإسرائيلية، وعدم التنازل عنها في أي مفاوضات مستقبلية مع سوريا، لكنهما في مواضيع أخرى يمكن العثور على بعض الفروقات.
أما على صعيد القضية الفلسطينية، فإن نتنياهو اتخذ شعاره الدائم عنوانه "لا شريك فلسطيني"، ولجأ لقطع معظم الاتصالات السياسية والدبلوماسية مع السلطة الفلسطينية، لكنه أبقى على التنسيق الأمني والتواصل الاقتصادي معها، وفضل الذهاب لصيغة السلام الاقتصادي كأساس لصفقة القرن، ويقوم بتنفيذها على الأرض.
أما غانتس فيدعو على الفور للدخول لمفاوضات مع السلطة الفلسطينية، ما يعني أن هناك شريكا فلسطينيا وهذا فرق جوهري عن نتنياهو، لكنهما يتفقان على ضرورة إشراك دول عربية معتدلة مثل الأردن ومصر ودول الخليج.
ومن خلال بحث دقيق في تصريحات غانتس، لا نجد له تعقيبا على صفقة القرن، لكنه أبدى دعمه الكامل للتعاون مع الدول العربية في أي اتفاق سياسي مستقبلي، وهذه أحد مبادئ الصفقة.
عند الحديث عن غزة، فإن غانتس الذي قاد الجيش في العدوان على غزة 2014 يدعو لزيادة حدة الردود العسكرية على استمرار إطلاق الصواريخ من غزة، بما فيها الاغتيالات المركزة، وتعتمد نظريته أنه عقب عملية عسكرية واسعة يمكن توفير الهدوء الأمني، والبحث عن حل استراتيجي بعيد المدى في غزة، سويا مع دول المنطقة، صحيح أن نتنياهو يتوافق مع غانتس على تنفيذ سياسة قاسية تجاه غزة، لكنه يتبع سياسة إدارة الصراع معها، وليس حله نهائياً.
كل هذا يعني أننا في النهاية أمام زعيمين، نتنياهو وغانتس، توجد بينهما فروق قائمة، لكنها ليست كبيرة بصورة نسبية، ما يختلفان فيه فقط هو التعبير عنها إعلاميا، وليس جوهريا.