فلسطين أون لاين

مبادرة الفصائل عودة إلى مربع الحوار

مساحة حرة

أنا مع كل فعل وجهد يساهم في التخفيف من معاناة المواطنين وإزالة العقبات التي تعترض مسيرة النضال الفلسطيني، فكل عمل بهذا الاتجاه محمود ومشكور صاحبه، وقد يكون الانقسام من أسوأ المشاكل الداخلية وأعقدها، ولذلك نحن نثمن أي جهد يقربنا أكثر تجاه الوحدة الوطنية والمصالحة، ولكن حسن النوايا لا يكفي لإنجاز المهمات.

قرأت بنود المبادرة التي تقدمت بها الفصائل الثمانية، ولا أخفيكم أنني سعدت لخلوها من إشارات هدامة تكررت في أكثر من مناسبة وكان آخرها اتفاق موسكو الذي كان سيفرض على الفصائل اعتبار منظمة التحرير ممثلًا شرعيًّا للكل الفلسطيني قبل أن يتم إصلاحها وإعادة تأهيلها كما تنص عليه الاتفاقات السابقة.

الغموض الأول الذي يكتنف المبادرة هو ما جاء في البند الأول حيث يعتبر كل اتفاقات المصالحة الموقع عليها من الفصائل حتى عام 2017 مرجعًا لإنهاء الانقسام، وهذا يعني نسف تلك الاتفاقات وتفريغها من مضمونها، وهناك دعوة لتوحيد قوانين الانتخابات للمؤسسات الفلسطينية وهذا يعني أن يكون قانون انتخابات المجلس الوطني هو ذاته قانون انتخابات المجلس التشريعي مع بعض التعديلات المتعلقة بخصوصية كل منها، وإذا علمنا أن نظام انتخابات المجلس التشريعي حسب اتفاقية القاهرة يكون "مختلطًا" أي 75% قائمة و25% دوائر، أما المجلس الوطني فهو وفق التمثيل النسبي الكامل، فهذا يعني أن أحدهما سيتبع الآخر، وبما أن المبادرة نصت على أن انتخابات المجلس الوطني ستجري وفق التمثيل النسبي الكامل، فهذا يعني أن التشريعي سيخضع لنفس القانون، وإذا علمنا أن هذه النقطة بالذات كان عليها خلافات شديدة بين فتح وحماس إلى أن اتفقوا على حل وسط "75/25" ولم يعجب ذلك باقي فصائل منظمة التحرير والتي أصرت على أن تكون وفق التمثيل النسبي الكامل، ندرك أن ما ورد في المبادرة إنما يمثل تطلعات تلك الفصائل، ولو لم يكن الأمر كذلك لما وردت تلك التفاصيل في مبادرة موجزة.

الأمر الأخطر هو نية تلك الفصائل الدعوة إلى مليونيات شعبية من أجل الضغط على طرفي الانقسام، وأنا هنا أؤكد أن مليونيات الضغط هي توتير للساحة الفلسطينية، وقد تنشط بعض الفصائل في دعوة الناس في غزة دون الضفة، كما تفعل بالانتخابات، تشارك في الضفة وتمتنع في غزة، لأنها في الواقع تصطف مع طرف ضد طرف في غالبية المواقف وحسب مصالحها، ومن هنا أود التأكيد أن الفصائل الثمانية ليست كلها بمنأى عن خطيئة الانقسام، وليست كلها بريئة من محاولة استغلال الانقسام لكسب الجماهير، ولكن باختصار أقول إن المبادرة ولدت ميتة لأنها ستعيدنا إلى المربع الأول للحوار، كما أن الاتفاقات موقعة من جميع الأطراف، ولذلك أنصح برمي هذه المبادرة وجميع الاتفاقات السابقة خلف ظهوركم واذهبوا إلى انتخابات عامة وليختر الشعب من يريد.