مع ظهور النتائج شبه النهائية للانتخابات الإسرائيلية، تفسح سيولة الأحداث السياسية في إسرائيل المجال لتحقق كل السيناريوهات المتوقعة لتشكيل الحكومة القادمة، بما فيها المستبعدة، وهو من شأنه أن يدخل الدولة في أزمات متلاحقة.
أحد الخيارات القائمة يتمثل بالإطاحة بنتنياهو من قبل حزب الليكود نفسه، كي يتسنى للحزب تشكيل حكومة وحدة وطنية، مع العلم أن نتنياهو بات في نظر قواعد الحزب وقادته عبئاً عليهم، لكنهم لا يقوون على مواجهته، رغم أنهم يتمنون زواله.
هذا لا يمنع من القول أن نتنياهو قلق من وجود مساعٍ داخل الليكود لعزله عن زعامته في حالة خسارة الحزب للانتخابات المقبلة، وحذّر قادة حزبه أن منافسه بيني غانتس، لا يسعى لتشكيل حكومة وحدة تضم الليكود.
أما وأضاف أنه عند الحديث عن فرص حزب أزرق-أبيض بزعامة الجنرال بيني غانتس بتشكيل حكومة انفرادية، فيبدو ذلك مستبعدا، لأن اليمين الإسرائيلي، القومي والديني، مسيطر على مفاصل الدولة، لكن تحقق هذه الفرصة الضئيلة مرهون بأن يحصل الحزب على شبكة أمان برلمانية من الأحزاب العربية، مما يعني سلوكاً إشكالياً وطنياً تتمثل بإعطاء ضمانة لقاتل مثل غانتس.
في الوقت ذاته، هناك تقديرات إسرائيلية تتمثل في تشكيل حكومة وحدة وطنية، من خلال تناوب الليكود وأزرق-أبيض على رئاسة الحكومة، عامين لكل منهما، شرط أن يتنازل الليكود عن قيادة نتنياهو، مما سيرفع من أسهم غدعون ساعر المتطلع إلى قيادة الحزب، ولديه حظوظ كبيرة، وهو أكثر عقلانية من غلعاد أردان وزير الأمن الداخلي الذي يسعى لوارثة نتنياهو.
سيناريو قائم في أروقة الحكم الإسرائيلية أن تقرر الأحزاب الإسرائيلية مجتمعة تنظيم دورة انتخابية ثالثة، وهو ما لم تشهده إسرائيل منذ تأسيسها، مما يجعل من هذه الفرضية تبدو مستبعدة، لأسباب كثيرة، لكن البديل يتمثل بأن تقدم الأحزاب الإسرائيلية الفائزة بمعدلات متقاربة تنازلات لبعضها البعض، والبحث عن حلول من خارج الصندوق، لأن التوحد بين هذه الأحزاب هو الكفيل بمنع إجراء انتخابات ثالثة.
مع العلم أن السياسة الإسرائيلية مليئة بالمفاجآت، ليس هناك من أيديولوجيا تتحكم بها، وإنما مصالح حزبية وشخصية، على اعتبار انعدام الفوارق السياسية والشعاراتية بين الأحزاب المتنافسة: فالليكود يسعى لشرعنة الاحتلال، وأزرق-أبيض يريد الإبقاء عليه.
لذلك فإن أكثر ما يقلق نتنياهو أن تؤدي خسارة الليكود في هذه الانتخابات، أو عجزه عن تشكيل حكومة لتزايد محاولات عزله عن قيادة الحزب، فهو ليس مقتنعا بولاء الوزراء ونواب الليكود في الكنيست، ولا يثق بالأحزاب الحريدية (يهدوت هتوراه وشاس)، لأنهم سيلقون بأنفسهم بين ذراعي غانتس إذا تم تكليفه بتشكيل الحكومة، وفي هذه الحالة قد يجد الليكود نفسه في صفوف المعارضة.