أوسلو (٢٧) الصراع على الأرض
كتبنا في مقالين سابقين عن أوسلو من وجهة سياسية ثم من وجهة مالية، وذلك بمناسبة الذكرى (٢٧) للاتفاقية، التي لم تحتفل بها السلطة، ولم تحتفل بها دولة الاحتلال. واليوم نكتب عن الأرض المحتلة في عام ١٩٦٧م.
تقول الشخصيات التي عملت تحت رئاسة حيدر عبد الشافي، إن المفاوضات توقفت بسبب إصرار عبد الشافي على اعتبار الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة أرضا محتلة. وأن التفاوض يجري على قاعدة استعادتها، وخروج الاحتلال منها. وهذا ما رفضه المفاوض الإسرائيلي. في هذه الأثناء كان وفد منظمة التحرير في أوسلو برئاسة محمود عباس، قد قفز عن هذه المسألة، وقبل بمفهوم (أرض متنازع عليها؟!)، وهي تحت التفاوض، ومن ثمة تمّ تأجيل مصير الأرض إلى مرحلة الحلّ النهائي.
في المرحلة بين حلّ غزة أريحا، ومفاوضات الحلّ النهائي، توسعت دولة العدو في الاستيطان، وأضفت عليه شرعية منتزعة من الطرف الفلسطيني، من خلال مصطلح ( أرض متنازع عليها). حيث يتضمن هذا المصطلح أن الأرض المعنية هي للطرفين، مع اختلاف في النسب، أو هي لطرف بحكم التاريخ الماضي، حيث يعدها اليهود أرض يهودا والسامرة، والطرف الآخر الفلسطيني يقيم عليها إقامة استخدام لا إقامة ملك؟!
وبما أن الطرف القوي يحتل الوطن والأرض فهو صاحب القرار لذا توسع في الاستيطان، ورفض وضع مصير المستوطنات على طاولة المفاوضات، لأن الشخص في منطقهم لا يفاوض غيره على أرضه التي يملكها بنص التوراة، واستراتيجية المؤسسين للدولة.
فشل حيدر وفريقه، ونجح عباس وفريقه، ووقع اتفاقية أوسلو في البيت الأبيض، ولكنه كان نجاحا وفشلا بمفهوم (إسرائيل وأميركا)، ولكنه في المفهوم الفلسطيني تراجع عن الحقوق وتنازل عنها، وخيانة للأرض. ما أنشأته (إسرائيل) من مستوطنات بعد أوسلو لم يكن أضعافا لما كان مقاما قبل أوسلو، بل الأسوأ من الحجم والكم ، أنه بشرعية قانونية مستمدة من الاتفاقية المؤسفة، لذا لا تعترف (إسرائيل) بأنها تنتهك الاتفاقية وتجري عملا أحاديا، رغم استنكار الفلسطينيين، ورغم رفض الاتحاد الأوربي.
اليوم في الذكرى السابعة والعشرين، يعلن نتنياهو عن عزمه ضم الأغوار والمستوطنات، ويرفض عباس، وترفض دول منظمة التعاون الإسلامي، ويتحداهم نتنياهو بعقد اجتماع حكومته الأسبوعي في الأغوار إصرارا منه على الضم.
من المسئول عن هذا المآل المؤسف لمصير الأرض المحتلة في عام ١٩٦٧م؟! إنه اتفاق أوسلو، وإنه لعبة الأرض المتنازع عليها، وإنه لعبة الحل المبدئي، والحل النهائي. ولو تسنى للفلسطينيين يوما محاكمة أوسلو بنتائجها، لوجدوا أنها كانت بمثابة النكبة الثانية بعد نكبة ١٩٤٨م. وأن قادتها أجرموا في حق الأرض جرائم لا تغتفر، وألقوا بالمواطن والوطن في قبضة ما يسمى بحسن نية العدو ، والمفاوضات معه برعاية أميركا؟!