بينما تشهد الضفة الغربية تطورات ميدانية متلاحقة، تتعلق أساسا بعودة العمليات الفدائية المسلحة ضد أهداف إسرائيلية، كشفت الصحافة الإسرائيلية في الأيام الأخيرة تقريرا استخباريا سريا كتبه الضباط الأمنيون الفلسطينيون، وقدموه لرؤسائهم، يحذر من تصاعد الهجمات الفدائية، واندلاع مظاهرات فلسطينية جماعية، وصولا إلى اندلاع انتفاضة، خاصة وأن الوضع على وشك الانفجار.
تتوقع التقديرات الأمنية الفلسطينية زيادة هجمات إطلاق النار، على غرار ما شهده العام الماضي مثل عملية مستوطنات "عوفرا وغفعات آساف وبركان"، وصولًا إلى إمكانية اندلاع انتفاضة شعبية نتيجة للأزمة الاقتصادية المتفاقمة، فضلا عن دعم حماس للشبان الفلسطينيين في الضفة، وحثهم على تنفيذ عمليات، بجانب توافر ميول شعبية فلسطينية بتغيير الوضع القائم تجاه (إسرائيل) لعدم تحقيق أي إنجاز سياسي على مدار العقد الماضي، وتعالي أصوات داخل حركة فتح نحو عودة الكفاح المسلح ضد (إسرائيل).
من الواضح أن التقرير الأمني الفلسطيني تم تسريبه إلى الصحافة الإسرائيلية بصورة متعمدة من السلطة الفلسطينية، لأنها أرادت إثارة مخاوف (إسرائيل) من إمكانية اندلاع سلسلة عمليات مقاومة لو استمرت العقوبات الاقتصادية عليها، وأثبت هذا التسريب جدواه بموافقة (إسرائيل) على إعادة جزء من ضريبة "البلو" الخاصة بالكهرباء بقيمة ملياري شيقل.
تعتقد (إسرائيل) أن التقرير الأمني الفلسطيني دقيق، لأنه يعتمد على معلومات أمنية ورصد ومتابعة لعناصر المقاومة في الضفة الغربية، سواء من خلال أفراد الأمن الفلسطيني السبعين ألفا، أو عناصر فتح، وهذه مصادر توفر معلومات حساسة وغزيرة، تستطيع السلطة الفلسطينية من خلالها استشراف الواقع الأمني في الضفة، وتعتمد عليها (إسرائيل) في ذلك.
بالتزامن مع تسريب التقرير الأمني الفلسطيني، عادت العمليات الفدائية المسلحة للضفة، رغم ما بذله الأمن الإسرائيلي والفلسطيني من جهود حثيثة لإحباط أي بنية عسكرية من شأنها عودة الهجمات الفلسطينية، ولذلك سادت أجواء من القلق الأوساط الأمنية والعسكرية والسياسية الإسرائيلية بسبب تلك العمليات، خشية وجود خلايا فلسطينية مسلحة منظمة نائمة تقف خلفها، وإمكانية أن تكون حماس أقامت بنية تحتية عسكرية في الضفة.
تتحدث لغة الأرقام عن جهود للمقاومة الفلسطينية لا تتوقف في الضفة، باعتراف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي أشارت أنه منذ بداية 2018 أحبط الجيش أكثر من 900 عملية إطلاق نار وخطف جنود وزرع عبوات ناسفة، في حين نفذ الفلسطينيون 12 عملية خلال 2019، فردية وليست منظمة، وسط تراجع للهجمات الفردية.
لا تترك هذه الأرقام شكوكًا كبيرة في أن الضفة باتت تشكل بيئة مستنزفة للمنظومتين الأمنية والعسكرية في (إسرائيل)، في ظل وجود محاولات من حماس لتجنيد خلايا بهدف تنفيذ هجمات أكثر تخطيطًا وأفضل تنفيذًا.