تقدير موقف
غزة: مادة للمزاودة الانتخابية بين الأحزاب الإسرائيلية 1-2
د. عدنان أبو عامر
مع اقتراب العد التنازلي لإجراء الانتخابات الإسرائيلية، يبدو جديرًا القيام بعملية مسح عاجلة لأهم مواقف الأحزاب المتنافسة من الأوضاع الدائرة في قطاع غزة، ومستقبل المواجهة مع حماس.
ففي حين فضلت أحزاب إسرائيلية متنافسة تجاهل مشكلة غزة أمام جمهور الناخبين الإسرائيليين، فإن قادتها واصلوا تبادل الاتهامات بين بعضهم البعض في استمرار حالة الاستنزاف القادمة من غزة، وفضلت أحزاب أخرى عدم الحديث بتاتًا عن مسألة غزة، وأحزاب أخرى تذكر مشكلة غزة دون طرح حلول جدية وجذرية.
اللافت أن أحزابًا إسرائيلية تكتفي بطرح حلول قديمة سبق تجريبها دون جدوى عملية لها، لكن من يقدمون حلولًا يرون أنها بعيدة المدى يتجاهلون وجود حماس في القطاع كحقيقة قائمة بذاتها.
بين هذه المواقف الإسرائيلية المتباينة يظهر أن قطاع غزة البالغ عدد سكانه مليونا نسمة، يبدو بقعة جغرافية محبطة جدًّا للإسرائيليين، من حيث بقاء نظام حماس، واستمرار إطلاق النار على إسرائيل، وجولات التصعيد والقتال المتكررة، كل ذلك يجعل من غزة أحد أهم الإشكالات التي تواجه الدولة، حتى أن كلمة "غزة" تظهر في محرك البحث غوغل باللغة العبرية 320 ألف مرة، ويتم تكرارها يوميًّا في نشرات الأخبار الإسرائيلية".
دأب رؤساء الأحزاب الإسرائيلية على مهاجمة بعضهم البعض، وتبادل الاتهامات حول العجز عن حل مشكلة غزة، والخضوع لحماس في كل مرة تتصدر غزة عناوين الأخبار، لكن فحص البرامج الانتخابية الإسرائيلية المقدمة لجمهور الناخبين لانتخابات الكنيست يظهر أنها لا تقدم بدائل عملياتية للسياسة التي يهاجمونها، وبعض الأحزاب لا تأتي على ذكر غزة، وغيرها يطرح حلولًا ضبابية ليس واضحًا كيفية تنفيذها.
عند الحديث عن حزب الليكود الحاكم برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإنه لم ينشر أي مقترحات عملية طوال الدورات الانتخابية الثلاث الأخيرة عن غزة، وكذلك ليس هذه المرة.
حتى أن الليكود في انتخابات 2009 لم يقترح حلولًا لمشكلة غزة، بل أوضح لماذا لم تنجح السياسة التي قادها حزب كاديما في حينه، ولم تعمل بصورة ناجحة، وأدت لوقوع كارثة ما زالت قائمة في غزة حتى الآن، ولذلك لا غرابة أن حزب السلطة الذي لم يقدم حلولًا ومقترحات لحل هذه المشكلة، لم ينجح في حلها عمليًّا.
أما حزب أزرق-أبيض الذي يقوده الجنرالات بيني غانتس وموشيه يعلون وغابي أشكنازي ويائير لابيد، فهو يقدم وعودًا عنوانها "المبادرة وليس الاستدراج" أمام حماس، ويبدو صعبًا ترجمة الشعار، مع ترجيح القيام بعملية مزدوجة تتضمن ردًّا قويًّا ضد حماس، وفي الوقت ذاته التعاون مع جهات إقليمية ودولية.