ما زالت أنباء استقالة المبعوث الأمريكي لعملية التسوية جيسون غرينبلات تترك آثارها بين كبار المسئولين الإسرائيليين، لا سيما حول تأثيرها المتوقع على صفقة القرن، باعتباره كان مبعوثا أمريكيا يتحدث بلسان إسرائيلي دائم، ويكرر رسائلها للمجتمع الدولي، ولم يكن يتردد في إعادة نسخ ما يردده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دون أدنى تحفظ، سواء باتجاه إيران وحزب الله أو الفلسطينيين، بل دائم الانتقاد لخصومها وأعدائها.
تباينت المواقف الإسرائيلية بقراءة النتائج المتوقعة لإعلان غرينبلات استقالته، رغم أن هناك شبه إجماع حول خسارة إسرائيل لأحد أصدقائها الحميمين، وأحد العناصر الفاعلة باتجاه إعلان صفقة القرن الخاصة بالرئيس دونالد ترامب.
مع العلم أنه فور إعلان غرينبلات خبر استقالته الوشيكة سارع نتنياهو لتوجيه الشكر له، وكذلك فعل كبار قادة حزب الليكود، وفضلا عن الرسائل الودية فإن إسرائيل يسودها قلق من مغادرته لمنصبه، لكونه عمل ضابط اتصال بين تل أبيب والبيت الأبيض، وترامب رأى فيه أحد الموثوقين جدا، ويستطيع الاعتماد عليه وعيونه مغمضة، لكونه محاميه السابق.
في المقابل، تتوافق الآراء الإسرائيلية في كون غرينبلات شخصية غير مرحب فيها لدى السلطة الفلسطينية، لأنه رفض الاجتماع بقادتها، بل خاض معهم سجالات حادة، في حين اتهموه مرارًا بأنه يمثل موقف المستوطنين الإسرائيليين، ويقف في الجانب الأكثر يمينية في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي.
أظهر غرينبلات للفلسطينيين درجة اهتمام إدارة ترامب بالمصالح الإسرائيلية قبل أي اعتبار، مما دفعهم أكثر للتمسك بمواقفهم، والرد سلباً على كل مبادرة يعلنها، وهذه نقطة جديرة بالانتباه، مما يعني أن استقالته قد تأتي كمؤشر على اقتراب إعلان صفقة القرن، ورغبة إسرائيلية بإقناع الفلسطينيين للقبول بها في غياب المبعوث الأمريكي.
صحيح أن أوساط نتنياهو تكن للمبعوث الأمريكي كل احترام وود، لكنها قد ترى في ابتعاده عن الصورة فرصة كي يبدي الفلسطينيون مرونة أكثر باتجاه الإدارة الأمريكية وخططها للسلام في المنطقة.
في المقابل، تعتقد أوساط إسرائيلية أن استقالة غرينبلات تعطي مؤشرا على ضعف فرص إعلان الصفقة، بسبب وجود خلافات بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية، سواء حول بعض تفاصيلها السياسية، أو موعد إعلانها بوجود نتنياهو في السلطة حاليا، أو الانتظار لنتائج الانتخابات القادمة، في ظل ما يشاع في واشنطن حول التباطؤ الأمريكي بإعلان الصفقة رغبة من البيت الأبيض بمساعدة نتنياهو شخصيا في العملية الانتخابية.
على كل الأحوال، فإن إسرائيل فقدت باستقالة غرينبلات صديقا حميما ومؤيدا جارفا لها في كل مواقفها السياسية، ربما ليس أقل من الممثلين الإسرائيليين أنفسهم.