دولة الاحتلال (إسرائيل) هي التي تحاصر وتقتل شعبنا في قطاع غزة، سواء أولئك الذين يستشهدون على الحدود أو داخل القطاع بغارات جوية، أو الذين يستشهدون بسبب نقص في الأدوية أو المعدات الطبية أو حتى بسبب قسوة الظروف. إن إشراك المقاومة الفلسطينية بالمسؤولية عن الجرائم التي يرتكبها المحتل الإسرائيلي انحراف عن جادة الصواب، وقد تستغل (إسرائيل) ذلك كغطاء لجرائمها، وأعتقد أن الكل الفلسطيني يرفض تبرئة (إسرائيل) أو التخفيف من مسؤوليتها.
إن التصدي لتدنيس (إسرائيل) المقدسات الإسلامية في القدس أو الخليل يستدعي حشد القوى والفصائل في الضفة الغربية، ولا يتطلب وقف مسيرات العودة في غزة، واستمرار تلك المسيرات لا يعني حرف البوصلة كما يزعم البعض، ولكنها ذريعة طالما سمعناها كما حصل في معركة "الخان الأحمر" التي لم نعد نسمع بها ولا ندري لماذا توقف الحديث عنها فجأة.
إن الهدف من مسيرات العودة هو رفع الحصار عن قطاع غزة، والتذكير بحق العودة، وقد تحقق الهدف الثاني، ولكن الهدف الأول والأساس لم يتحقق، ولذلك أتوقع استمرار المسيرات وزيادة التصعيد حتى تحقق المقاومة الشعبية كل أهدافها، ولا يتوقعن أحد أن يُرفع الحصار عن قطاع غزة دون ثمن، وكذلك إنهاء الاحتلال لا بد له من أثمان باهظة. أما الادعاء بأن وتيرة مسيرات العودة مرتبطة بوتيرة دخول الأموال فهذه فرية وتزييف للواقع. هناك تفاهمات يرعاها الجانب المصري وهدفها النهائي رفع الحصار كاملا عن قطاع غزة، وليس تكديس الأموال العربية، لأنه إذا لم يرفع الحصار واستمرت المماطلة الإسرائيلية فقد تقرر المقاومة التصعيد ورفض جميع التسهيلات ودخول الأموال العربية، وحينها تكون المنطقة قد وصلت إلى أخطر مراحلها، والمقصود أن إدخال الأموال والوقود وغيرهما من المساعدات إلى قطاع غزة قد تكون مقبولة إذا كان ثمة أفق ومعالم واضحة لرفع الحصار كاملا، وإلا فلن يستمر الأمر على ما هو عليه إلى وقت أطول.
في النهاية أقول إن البعض مستعد لتحميل المقاومة في غزة مسؤولية موت أي فلسطيني من غزة حتى لو على المريخ، فكيف لا يستغلون استشهاد الأطفال المشاركين في مسيرات العودة؟ علما أن المئات أو الآلاف هاجروا من الضفة الغربية لصعوبة الظروف، ولا أحد يسمع بهم وبأحوالهم، ولكن ذلك لا يمنعنا من النصح بمنع الأطفال من الاقتراب من الأماكن الخطرة والقريبة من السياج الفاصل، رغم أن تلك الإجراءات لا تمنع العدو الإسرائيلي من ارتكاب جرائمه.