بينما يعمل نتنياهو كل ما هو ممكن لضم أجزاء من الضفة الغربية (لإسرائيل)، تعمل السلطة الفلسطينية كل ما هو ممكن للتنسيق الأمني مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، وقمع كل خلية جديدة للمقاومة، وآخرها خلية نابلس.
إذا كانت السلطة تستطيع المحافظة على عروبة الضفة الغربية بقمع المقاومة، والتنسيق الأمني، فلا مبرر لها في الشكوى من دعوة نتنياهو لضم أجزاء من الضفة؟! كيف للسلطة أن تشكو (إسرائيل) للعالم، وهي التي تساعدها، وتسهّل إجراءاتها، وتمنع المواطنين من مقاومة الاستيطان والتهويد. إذا كانت السلطة تتجه إلى العالم الخارجي بالشكوى المرّة، فلماذا لا تسمح لشعبها في داخل الضفة بمساعدتها، على إحباط مخطط (إسرائيل)؟!
الأمر الغريب في سياسة السلطة أن عباس يقاتل (إسرائيل) في الخارج، في البلاد الغربية، وفي المحافل الدولية، ولا يقاتلها في الداخل، وعلى أرض الوطن، ولا يسمح للفصائل والمواطنين بمقاومتها داخل نطاق الضفة الغربية؟! هل يمكن لعباس تحرير الضفة من الاستيطان من خلال الدول الغربية؟! إن كان ذلك ممكنا فلماذا لم يمنع (إسرائيل) من ضم القدس، ولم يمنع أميركا من نقل سفارتها للقدس، من أن العالم كله، بما فيهم بريطانيا وفرنسا لا يعترفون بضم القدس؟!
كان الردّ الواجب على موضوع القدس هو تفعيل المقاومة الوطنية، وأن الردّ المناسب على دعوة نتنياهو الأخيرة لضم أجزاء من الضفة هو تفعيل المقاومة، والانسحاب من التنسيق الأمني. لا يوجد حلّ آخر يمكن أن يحافظ على عروبة الضفة، ويمنع الاستيطان من التمدد.
عباس لا يستطيع أن يسير في الطريق المستقيم، ولا في طريق يسير فيه المواطنون، ويفضّل البقاء في الطريق المعوج، متنقّلًا بين عواصم الغرب والشرق يستجدي منهم ضغطًا على إسرائيل. وينسى أن الدول ذات الأيديولوجيا المحددة، والتي تعيش على مجموعة من الأساطير التوراتية لا تؤثر فيها الضغوط الخارجية البتة، بل هي التي تملك الضغط والتأثير في الآخرين بحكم الأيديولوجيا والأساطير، لذا تجد (لإسرائيل) تأثيرًا بالغًا في أميركا، وبين النخب الحاكمة، ولها تأثير قوي أيضًا في فرنسا وألمانيا وبريطانيا. الأيديولوجيا تواجه بمثلها، والأساطير تنقضها الحقائق التاريخية الثابتة، والمقاومة تمنع التمدد وضم الضفة؟!