سلطت الأحداث الأخيرة في لبنان وسوريا، وقبلها في غزة، الضوء على ما باتت تعتبره إسرائيل تهديدًا جديدًا أمام مؤسستها العسكرية ومنظومتها الأمنية، والمتمثل في الطائرات المسيرة، التي بدأت باعتبارها خيالًا علميًّا، لكنها سرعان ما تحولت قدرة تكنولوجية، حتى أصبحت تهديدًا عسكريًّا، لأنه يمكن شراؤها عبر الإنترنت ببضعة آلاف من الدولارات.
باتت الطائرات المسيرة تتصدر اهتمامات المنظومة الأمنية الإسرائيلية، باعتبارها "سلاح الضعيف"، يتم إنتاجه في البيت، ويمكنه القيام بأمور معقدة في مجال المخابرات.
مع العلم أن الجيش الإسرائيلي لديه آلاف الطائرات المسيرة تعمل في أسلحته: البرية والجوية والبحرية، وثمن الواحدة منها قرابة 6 آلاف دولار، مع وجود طائرات أقل ثمنًا، معظمها من الصناعة الصينية، مما يزيد المخاوف من تسريب معلومات حساسة منها، وبعضها يحمل 3.5 كغم، ويحلق لمسافة 10 كيلومترات عن مركز السيطرة، وارتفاع ألفي قدم، وتصوير في الليل والنهار.
كل هذه المواصفات الخطيرة والدقيقة تؤكد أن إسرائيل باتت أمام وسيلة قتالية مهمة، لأنها في متناول اليد، وتحوز إمكانية الحصول على صور جوية لأهداف حربية، تستفيد منها القوى الفلسطينية المسلحة، والدول المجاورة.
يعتبر كبار الجنرالات الإسرائيليين أن سيناريو أمنيًّا عسكريًّا يتمثل بتحريك سرب من الطائرات المسيرة من غزة أو لبنان باتجاه الجيش الإسرائيلي أو مستوطنة سيكون حدثًا دراماتيكيًّا، على اعتبار أن القدرة لدى أعداء إسرائيل من منظمات مسلحة أو جيوش نظامية أصبحت موجودة، وليس هناك حاجة لمال كثير لشرائها.
مع العلم أن الهجوم الإيراني الذي أحبطه الجيش الإسرائيلي مؤخرًا كان سيتم عبر طائرات مسيرة مفخخة، كما تكرر الشهر المنصرم من لبنان، لأن حزب الله يستخدم طائرات مسيرة لأغراض مراقبة وهجوم، بتكلفة مئات الدولارات.
أما على صعيد استخدام هذه الطائرات المسيرة، فإن التقارير الأمنية الإسرائيلية تتحدث أنه منذ آذار 2018 مع انطلاق المسيرات الأسبوعية على حدود غزة أطلقت المنظمات الفلسطينية عشر طائرات مسيرة حملت عبوات ومواد حارقة اخترقت إسرائيل من قطاع غزة.
هذا الإطلاق المتكرر لهذه الطائرات المسيرة من غزة دفعت الأوساط العسكرية النافذة في قيادة المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي للإعراب عن قلقها من تأثير هذه الطائرات، لأنها تهز شعور الأمن لدى الإسرائيليين.
كل ذلك ألجأ فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي لإنشاء قيادة عملياتية هدفها العثور على طائرات مسيرة موجهة نحو إسرائيل، رغم وجود صعوبات بتوفير رد عملي لهذا التهديد، بجانب حالة البطء في استعداد الجيش وأجهزة الأمن لمواجهة تهديد هذه الطائرات، مما يجعل الجيش يعتبره تهديدًا متطورًا ومقلقًا، لأنه ما زال فاقدًا لأي رد كامل عليها.