الجرائم الإرهابية في قطاع غزة لم تصل إلى حد الظاهرة، ولن تصل بإذن الله، وستبقى عمليات نادرة ومحدودة، لأن غزة حاضنة المقاومة ومنبع العزة والكرامة لا تسمح بانتشار الشذوذ الفكري والعقائدي، وكذلك لا تسمح لعملاء الاحتلال بالعمل بحرّية بعدما طهرت غزة نفسها من المحتلين أنفسهم.
المعاناة التي تعيشها غزة مفروضة عليها من الاحتلال الإسرائيلي وبعض الأطراف العربية والأجنبية، وكل من يعزو الأعمال الإرهابية لأسباب داخلية فهو يرتكب الكثير من الأخطاء، أولها تبرئة الاحتلال الإسرائيلي من جرائمه، ثم تشجيع المرضى النفسيين على العبث بالساحة الفلسطينية، وكذلك المساهمة في تفتيت الصف الوطني, وهذه أهداف العدو الإسرائيلي، ولا يجوز لأي طرف فلسطيني خوض المعركة مع شعبه بالوكالة عن المحتل.
القول بأن أصحاب الفكر المنحرف خرجوا من رحم حماس أو جماعة الإخوان المسلمين هو قول باطل ومردود على أصحابه، لأن تلك الحسابات معكوسة تماما، فلولا وجود الفكر المعتدل الذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين لامتلأت البلاد العربية بأصحاب الفكر المتشدد، ولتحوّلت الأوطان العربية إلى ساحات للصراعات الدموية، فانتشار الفكر الإخواني، وحضورهم الواسع، أكسبا الكثير من البلدان العربية حصانة ضد الحروب الأهلية والاقتتال الداخلي، رغم تعرض الجماعة للابتلاء والتعذيب، ورغم قدرتها على رد الظلم عن نفسها، إلا أنها آثرت التضحية بجزء من حقها من أجل سلامة الشعوب وحقن الدماء.
وإن تحول بعض المنتمين للجماعة عن الفكر المعتدل إلى الفكر المتشدد فذلك يكون لأسباب عديدة، منها: عدم القدرة على استيعاب الظلم الواقع على المسلمين، فيختارون العمل الفوضوي المتسرع، وغالبا ما يحولون نقمتهم إلى أبناء شعبهم، فيكفرون المجتمعات العربية ويستهدفونها بأعمالهم الإرهابية، أو يكون تحولهم بسبب عدم صدق انتمائهم، أو أن تطرأ على أفكارهم انحرافات بسبب إعجابهم بجماعات متطرفة تعمل على الساحة العربية مثل داعش، التي ثبت أن من يحركها المخابرات الأمريكية، وحين انتهى دورها في سوريا والعراق لم تعد هناك خلافة ولا خليفة، وشُرِّدوا في الصحاري وأطراف البلاد، أو استؤجروا للعب الدور نفسه في مناطق أخرى من الوطن العربي، ولكننا نقول إن العبث بأي ساحة أسهل ألف مرة من العبث بالساحة الفلسطينية، وتحديدا قطاع غزة.