ما زالت غزة والقضية الفلسطينية تدفعان ثمن الأزمة السياسية التي وقعت في (إسرائيل)، وأدت لإجراء دورتين انتخابيتين في عام واحد، بعدما فشل اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو بتشكيل حكومته الائتلافية بعد الانتخابات الماضية، ما دفع الأحزاب الإسرائيلية للتوافق القسري على تنظيم دورة انتخابية جديدة بعد أسبوعين.
يتوقع أن يذهب الإسرائيليون لصناديق الاقتراع في ظل تعقد المشهد السياسي، وحضور الملف الفلسطيني، لا سيما أن أحد أسباب إخفاق نتنياهو بتشكيل حكومته الخامسة كان التعامل مع حماس في غزة.
يبدو لافتاً هذه المرة حضور الملف الفلسطيني في الدعاية الانتخابية الإسرائيلية، لا سيما أن الأحزاب المتنافسة تظهر مواقف متباينة حول مستقبل التعامل مع حماس في قطاع غزة، والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، في الوقت ذاته تشكل الانتخابات الإسرائيلية فرصة لإظهار توجهات الفلسطينيين تجاه القوى المرشحة، ويبقى السؤال الأهم حول توقيت إعلان صفقة القرن، قبيل الانتخابات أم بعد تشكيل الحكومة القادمة.
مع أن الانتخابات الإسرائيلية أسقطت الفوارق بين معسكري اليمين واليسار، بسبب مواقفهما المتشابهة تجاه الفلسطينيين، فإذا كان الليكود واضحا بمعاداته للفلسطينيين، فإن حزب أزرق-أبيض يزايد على الليكود بالدعوة للعدوانية ضد غزة، وحزب ميرتس اليساري لم يتردد بالدعوة للسماح للمستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى.
تفيد القناعة الفلسطينية السائدة بعدم وجود خلافات كبيرة بين الأحزاب الإسرائيلية، فالتباينات قائمة على أبعاد شخصية، وليس من فلسطيني يراهن على سياسة الحكومة القادمة، أياً كانت توجهاتها، رغم ما تبذله السلطة الفلسطينية من جهود لإحداث اختراقات في المجتمع الإسرائيلي بلقاءات تعقدها مع الشخصيات الإسرائيلية المؤثرة، مع تقديرات بأن اليمين سيفوز بالانتخابات، بسبب صعوبات عودة الوسط واليسار الإسرائيليين.
إن اختلاف الأحزاب الإسرائيلية نحو غزة نابع من الطريقة والأسلوب فقط، والتجربة الطويلة للفلسطينيين مع انتخاباتهم تظهر أن المتنافسين يختلفون ببرامجهم المتعلقة بإدارة شؤون الكيان، بسبب أصولهم الإثنية والمذهبية.
تجتمع الأحزاب الإسرائيلية المتنافسة في الانتخابات على استمرار الاحتلال، ورفض الاعتراف بحقوق شعبنا الفلسطيني، ما يؤكد أن هذه الأحزاب تستغل الموسم الانتخابي لإطلاق التهديدات ضد غزة، وتزداد حمى التهديدات في أوج السباق على كسب الصوت الانتخابي.
مع العلم أن هذه الدورة الانتخابية الإسرائيلية تشهد حضوراً لافتاً للجنرالات الموزعين على الأحزاب المتنافسة، وجميعاً يدعون لتوجيه ضربات إلى غزة، ويتباهون بما قاموا به في حروب غزة، وتقوم جميع الأحزاب بمزايدات انتخابية تركز على تنامي قوة حماس في القطاع، ما يجعل فرص التصعيد العسكري كبيرة، وإمكانية العبث الأمني فيها متوقعاً، كما شهدنا في الساعات الأخيرة من تفجيرات آثمة، تريد زعزعة الاستقرار الذي تشهده غزة منذ سنوات طويلة.