من يرصد الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، يخرج باستنتاج يؤكد تزايد عمليات المقاومة في مناطق كثيرة في الضفة الغربية المحتلة وعلى حدود غزة؛ إذ لا يكاد يمر يوم دون حدوث عملية ضد الجنود والمستوطنين الصهاينة، خاصة خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، وشهر أغسطس/ آب الحالي.
وعلى الجانب الآخر، ينشغل الاحتلال بانتخاباته المقبلة في سبتمبر/أيلول، أحزاب وتحالفات جديدة تظهر يومياً، وقد جرى توقيع اتفاقية «فائض أصوات» بين حزب ليبرمان «إسرائيل بيتنا» وتحالف «أزرق- أبيض» بزعامة بيني جانتس، وربما ينضم إليهما «الحزب الديمقراطي» الجديد بزعامة إيهود باراك، الأمر الذي يقطع الطريق نهائياً على نتنياهو في تشكيل الحكومة القادمة. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن نتنياهو قوله: «هذا بكل أسف ما حدث، لكنه اليوم أصبح رسمياً، ليبرمان يقوم بنقل أصوات اليمين إلى «اليسار»، لقد قال بالفعل إنه سيوصي بجانتس رئيساً للحكومة.
بدوره، قال رئيس القائمة العربية المشتركة أيمن عودة في تصريح لصحيفة «يديعوت أحرونوت»: «لدي استعداد للانضمام إلى ائتلاف حكومي يشكله رئيس حزب «أزرق أبيض» بيني جانتس. حتى الصحيفة رأت في أقواله «مفاجأة»، متناسية أنه دوماً ردد مثل هذه الأفكار. ولئن ربط عودة كلامه هذه المرة بمجموعة شروط، فإن احتمال انضمام قائمته إلى حكومة برئاسة جانتس ضعيفة، خاصة أن من يريد التحالف معهم قالوا بصراحة إنهم «لن يقيموا تحالفاً مع العرب».
تصريحات عودة أثارت انتقاد كثيرين من أعضاء قائمته، وربما تؤثر في التصويت للقائمة في الوسط العربي، وبخاصة أنها تأتي هذه المرة في ظل ركود انتخابي يُظهر حجم ملل فلسطينيي ال48 من مجمل التجارب الانتخابية الإسرائيلية.
وأيضاً مع نشر نتائج استطلاعات رأي ترجح انخفاض عدد المقاعد العربية ونسبة التصويت لها. لذلك، قد يُنظر إلى كلام عودة من قبل البعض، كبالون اختبار من جهة، وكمحاولة لإعادة انتخابات الكنيست إلى مركز اهتمامات الفلسطينيّين ونقاشاتهم من جهة ثانية. في الواقع أنه يسيء التقدير إن عنى ذلك.
بشكل عام تدعو أجندة الحزب الشيوعي الإسرائيلي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، بصراحة، إلى «التعايش» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتحقيق السلام على أساس دولتين لشعبين، والسلام بين الدول العربية و(إسرائيل)، فضلاً عن قضايا أخرى، مثل تحقيق الرفاه الاجتماعي. لذلك، ما قاله عودة هو الدعوة الطبيعية للحزب الذي نشأ فيه، وموقفه امتداد للموقف السوفييتي، لكن المشكلة ليست في أمنيات رئيس القائمة التي لا تتحقق فحسب، بل في أن من يدعو إلى التحالف معهم يرفضونه بصراحة. والشروط التي طرحها لانضمام قائمته إلى ائتلاف حكومي يُشكله «أزرق أبيض» والتي شملت: «إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية وتحسين مكانة المواطنين العرب وإلغاء قانون القومية وتوسيع مسطحات البلدات العربية وإقامة أول مدينة عربية... إلخ»، يستحيل على أي رئيس حكومة قبول تحقيقها. بل حتى إسحاق رابين، الذي وقّع بنفسه على «اتفاق أوسلو»، كان سيعارض تلك الطروحات التي تناقض جوهر المشروع الصهيوني برمته.
من ناحية ثانية، قدرت مصادر أمنية إسرائيلية، أن تشهد الضفة الغربية المحتلة موجة جديدة مما تسميه بـ«العنف» قبل الانتخابات، وبخاصة أن السلطة الفلسطينية تغرق في أزمة اقتصادية، وتتصاعد بوادر ما أسمته بـ«اضطرابات في الميدان» في ظل دعوات من الفصائل الفلسطينية، لتنفيذ مزيد من الهجمات بالضفة.
ووفقاً لـ«هآرتس»، فإن التقديرات تأتي، من محاولات تسلل مسلحين من غزة، ما دفع أحزاباً يمينية و«يسارية» لتوجيه انتقادات لنتنياهو الذي قال: إنه لن يتأثر رد فعله بالانتخابات، معتبرة تلك التصريحات غير مقنعة.
وقالت الصحيفة: إن التحدي الأمني الكبير لنتنياهو في المستقبل القريب، قد يكون تصاعد موجة الهجمات في الساحة الفلسطينية الثانية «الضفة الغربية». مشيرة إلى أنه في حال اندلعت هذه الموجة، فإنها نتيجة مباشرة لسياسات نتنياهو المتشابكة، خاصة أنه سبب في الأزمة الاقتصادية الحادة للسلطة بسبب الاقتطاعات المالية من عوائد الضرائب. وبحسب الصحيفة، فإن علامات الانتفاضة في الميدان تزداد، وفي الأسابيع الأخيرة حدثت زيادة كبيرة في الهجمات على الأرض.
وترى الصحيفة أن جزءاً من ارتفاع محاولات الهجمات هو الخطاب الفلسطيني بسبب الأحداث التي جرت في المسجد الأقصى، إلى جانب الدعم الأمريكي المستمر لنتنياهو، والذي يعتبر خطوة ضمنية وصريحة من الإدارة الأمريكية لدعم خطوات ضم الضفة الغربية ل(إسرائيل).
وكرر التقييم الأمني في السنوات الخمس الأخيرة، بأن هناك فرصة معقولة لحدوث اندلاع موجة جديدة من الهجمات في الضفة الغربية أكثر من أي جبهة أخرى؛ حيث اعتبر أن نجاح الهجمات الأخيرة يشجع على هجمات مماثلة، كتلك التي وقعت بين عامي 2014 و2015، خاصة في ظل الأحداث المرتبطة بالأقصى.
الخليج الإماراتية