تقدير موقف
ما زالت عملية دوليف الفدائية التي وقعت يوم الجمعة قرب رام الله وسط الضفة الغربية تثير المزيد من التساؤلات والاستفسارات لدى الخبراء العسكريين الإسرائيليين، سواء في سبب نجاح تنفيذ العملية، أو التبعات السياسية والأمنية المترتبة عليها.
على الصعيد الأمني والعسكري، فقد توصل الإسرائيليون إلى قناعة مبكرة مفادها أنهم أمام عملية تطلبت كثيرا من التنظيم، فالعبوة الناسفة تم إعدادها بصورة مسبقة، ويبدو أن هناك معملا لإعداد وتحضير العبوات الناسفة، فالمسلحون عرفوا جيدا مكان العملية، وليس لدي شك أن واحدا على الأقل من عناصر الخلية من سكان المنطقة".
وبات من الواضح أن المسلحين وضعوا العبوة في ساعات الليل، وتم تشغيلها عن بعد، حين راقبوا المكان جيدا، مما دفع بالجنرالات الإسرائيليين للتوافد المتكرر إلى منطقة العملية، من أجل إعداد تقديرات موقف لتقييم أعمال التمشيط، فيما قام قائد هيئة أركان الجيش الإسرائيلي بزيارة المكان، وإجراء جولات ميدانية، للاطلاع من قادة المنطقة الوسطى على آخر تطورات الموقف.
وطالما أن الحديث الإسرائيلي يدور عن إخفاقات، فيجب الإشارة لما وقع فيه الجيش من إشكال ميداني في عملية دوليف، فما حصل هو فشل عملياتي بامتياز، صحيح أن كل التفاصيل الميدانية لم يتم نشرها، لكن من الواضح أن سيارة المستوطنين تم استهدافها بعبوة ناسفة على جانب الطريق من قبل خلية فلسطينية مسلحة.
ليس المقصود بشبان فلسطينيين فكروا للحظة بطعن شرطي إسرائيلي، أو إطلاق نار من مسدس، بل يرى الإسرائيليون أنفسهم أمام خلية منظمة موجهة قريبة من التشكيلة النظامية، قامت بتنظيم نفسها، والتخطيط للعملية، وتحصيل المتفجرات، وإعداد العبوة الناسفة، وتدربت على تشغيلها، ثم وضعتها، وشغلتها عن بعد، ثم انسحبت من المكان، وكل ذلك يحدث في قلب منطقة تخضع لسيطرة أمنية وعسكرية إسرائيلية مطلقة.
إن عملية دوليف تدفع للاعتراف الإسرائيلي بأن الحديث لا يدور عن مرحلة نوعية في العمليات الفلسطينية، بل أمام قفزة ذات سبع درجات بضربة واحدة، مما يتطلب تشكيل لجنة تحقيق للبحث في أسباب هذا الإخفاق والفشل العملياتي الكبير والخطير.
أما على الصعيد السياسي، فقد أعادت عملية دوليف النقاش الإسرائيلي مجددا حول الصراع على السيطرة على الأرض، لأن النزاع القائم بين الفلسطينيين واليهود لا يدور حول حرية الحركة في مناطق مفتوحة بالضفة الغربية، وإنما حول مسألة السيطرة الميدانية عليها، وهو نزاع يأخذ أشكالا شتى، سواء في الضفة الغربية، أو الجليل، أو صحراء النقب.