ما زالت ردود الفعل الإسرائيلية تتواصل حول عملية مستوطنة دوليب قرب رام الله، التي استخدم فيها المقاومون عبوة ناسفة تم تفجيرها عن بعد ضد سيارة مستوطنين مرت بالمكان، ولعلها المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا السلاح في الضفة الغربية منذ سنوات طويلة.
رغم أن هذا الأسلوب قد يندرج تحت بند إطلاق النار والاشتباكات المسلحة، بحكم أن العديد من الاشتباكات المسلحة تشهد في طياتها تفجيراً لعبوات ناسفة، إلا أن الرأي الإسرائيلي استقر على إفرادها بتقييم مستقل، كون العديد من العمليات تشهد تفجيراً لعبوات ناسفة فحسب، ومن بينها العمليات الخاصة بتفجير وتدمير عدد من مركبات الاحتلال خلال فترات زمنية متفاوتة.
لا غنى للمقاومة الفلسطينية عن هذا الأسلوب في سياق أي مقاومة فاعلة تستهدف تحقيق أثر واضح في صفوف الاحتلال، فآثارها ومفاعيلها القوية تجعل منها لازمة أساسية من لوازم المقاومة لا تستطيع تجاوزها بأي حال من الأحوال.
وقد برعت المقاومة الفلسطينية باستخدام العبوات الناسفة في تنفيذ عملياتها العسكرية، فأغلب العمليات العسكرية تتضمن استخداماً لأسلوب العبوات الناسفة بشكل منفرد، أو تأخذ أجزاء ومركبات العملية، حيث شهدت انتفاضة الأقصى إنجازات مهمة في سياق المواجهة مع المحتل، أدت لإلحاق أفدح الخسائر بصفوف المحتلين.
فما بين عبوة ناسفة استخدمت في سياق اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال، أو عبوة موجهة تم تفجيرها في هدف، أو موكب عسكري أو استيطاني، أو عبوة أرضية أو موجهة استهدفت دبابة أو آلية عسكرية، تنوعت أشكال استخدام العبوات الناسفة التي أبدعت عقول المقاومين في تصنيعها وإعدادها، حتى غدت كابوساً خطيراً يؤرق المحتلين، مما يجعل من الصعب حصر أهم العمليات التي استخدمت فيها العبوات الناسفة.
أدخلت المقاومة عمليات تطويرية على تصنيع العبوات شديدة الانفجار، واستخدام مواد جديدة بتركيبها، وتصنيع أنواع جديدة، ما مكنها من تدمير الآليات والجيبات المحصنة بما فيها عدد من الدبابات.
ورغم تحصين المركبات الإسرائيلية، الاستيطانية والعسكرية، فقد تمكن المقاومون من مهاجمتها وتحطيمها بتفجير عبوات ناسفة، وأثبت مقتل الجنود والمستوطنين فشل مهمتهم الأساسية، مما جعل الرعب والخوف يدبان في قلوبهم، لأنهم باتوا يدركون أن حصونهم المنيعة لن تحميهم من هجمات المقاومة.
لمواجهة هذا النوع من المقاومة، لجأ الجيش لاستخدام بعض أساليبه لوقف تقنية العبوات الناسفة التي يستخدمها المقاومون، بحيث قام بتشغيل جهاز لكشفها، وهو كاشف متحرك مثبت على سيارة، يمكنه فحص الحاويات والسيارات بدقة تصوير عالية للكشف عن الوسائل القتالية، وخاصة العبوات الناسفة.
من هنا يتبدى مدى الخسائر التي ألحقتها العبوات الناسفة بالاحتلال، مما يجعل التمسك بها أولوية بارزة تتصدر أجندة الفعل الوطني المقاوم في سياق الحرب المفتوحة ضد الاحتلال، رغم الضغوط الأمنية المتلاحقة في الضفة.