إن نظرة فاحصة إلى المشاريع الإسرائيلية الخاصة بتصدير مشكلة غزة إلى سيناء، التي استعرضتها هذه السطور يوم أمس، تظهر أنها تقوم على مشروع السلام الاقتصادي، عبر منح مصر رزمة مساعدات دولية، وتعتمد تطوير البنى التحتية الاقتصادية والسياحية بشمال سيناء، وصولا لمنطقة العريش.
تشترط (إسرائيل) لتنفيذ هذه المشاريع أن تكون تحت مسؤولية مصر، ويحصل سكان غزة على ممر لاستخدام الرقابة الأمنية المصرية، انطلاقا من فرضيات مفادها إيجاد تخفيف مزدوج يحمل بدائل ديمغرافية وجغرافية للقطاع، بتعزيز اقتصادهم المنهار، وتوسيع المنطقة الفلسطينية باتجاه سيناء، ما سيحقق لسكانها رخاء معيشيا، مع أن كل المشاريع الإسرائيلية تنطلق من دوافع إنسانية، وليست سياسية.
يستند الإسرائيليون في خططهم الخاصة بغزة إلى الأموال التي ستجمع، كما شهدته قمة البحرين الاقتصادية أخيرا، وهذ الأموال ستوفر إجابات لكثير من الشكوك والهواجس حول الحل الذي سيشمل ما يشبه إعلان ضم مصري لقطاع غزة، وإقامة منطقة صناعية سياحية على شواطئه، شبيهة بما قامت به مصر مع بدو جنوب سيناء، والأمريكان في هذه الحالة سيضغطون على الأمم المتحدة لدعم الخطة بصورة إستراتيجية.
يتزامن الكشف الإسرائيلي عن الخطط المتعلقة بتمدد غزة جنوبا نحو سيناء، مع التطلعات الإسرائيلية بالإعلان عن ضم وشيك للضفة الغربية، تحضيرا لإعلان صفقة القرن، انطلاقا من قناعاتها بأن غزة هي مفتاح الحل للصراع مع الفلسطينيين، وليس الضفة الغربية.
في الوقت ذاته، يعتقد الإسرائيليون أن ما يصفونه بالحل الإبداعي المتمثل بدولة فلسطينية في غزة وسيناء، لا يعني أن حماس ستتنازل عن تحقيق حلمها المتمثل بإقامة دولة فلسطينية من البحر إلى النهر، لكن من خلال المشاريع الاقتصادية الموعودة التي تفتح المجال لتشغيل آلاف الشبان الغزيين قد ينشأ تغير إيجابي، ما يتطلب المبادرة لتنفيذ هذه الخطة في سيناء.
يعيد الانشغال الإسرائيلي بطرح أفكار تتركز بتوسيع غزة جنوباً نحو سيناء، للأذهان المشروع القديم الجديد للجنرال "غيورا إيلاند" رئيس مجلس الأمن القومي السابق الذي طرحه عام 2005، بإيجاد تسوية بين فلسطين ومصر، تقضي بتنازل مصر للفلسطينيين عن بعض أراضي سيناء بمساحة 600 كم2، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين.
هذا يعني أن الأطروحات الإسرائيلية بتمديد غزة باتجاه سيناء ليست جديدة، فهناك العديد من المشاريع التي تداولتها (إسرائيل) للتخلص من القضية الفلسطينية منذ خمسينيات القرن الماضي بإلقائها تحت الرعاية المصرية، مع أن الفلسطينيين في غزة ليست لديهم أطماع بسيناء، فهي منطقة صحراوية، ما لا يمنح المقترحات الجديدة فرصة كبيرة للنجاح، في ظل تمسك الفلسطينيين بأرضهم في غزة، وعدم استبدالهم لها بأي أراضٍ أخرى.