فلسطين أون لاين

​وحدات استيطانية في الضفة.. ليست الانتخابات غايتها!

مطلع شهر آب الجاري، وافقت لجنة إسرائيلية مشتركة من عدة وزارات على بناء مجموعتين من الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، ربما تكون الوحدات الاستيطانية الإسرائيلية الجديدة مرتبطة بإعادة الانتخابات في أيلول/ سبتمبر، لكن موقعها سيمثّل تحولاً مقلقاً إذا ما تكرر بعد الانتخابات.

أغلبية كبيرة من المستوطنين الإسرائيليين تعيش في وحدات قابعة في الضفة الغربية وتشكّل هذه المنطقة 8٪ من إجمالي مساحة الضفة الغربية بالحد الأدنى، وهذه المرة، يقع ثلثا الوحدات التي تمّت الموافقة عليها أو هي في المرحلة ما قبل الأخيرة من الموافقة - 1609 من أصل 2343 – في قلب الضفة الغربية.

من المرجح أن يتم ضم هذه المستوطنات إلى كيان الاحتلال كجزء من عملية تبادل الأراضي خلال مفاوضات الوضع النهائي. ما يعني مزيداً من التهام أراضي الضفة الغربية المحتلة. في السنوات الأخيرة، أعاد كيان الاحتلال هيكلة عملية الموافقة لتقليل احتمالات الإعلانات المفاجئة التي قد تكون محرجة من الناحية السياسية، كما حدث في عام 2010 عندما تمت الموافقة على وحدات سكنية جديدة في شرقي القدس خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن. واليوم، يجب أن تمر طلبات الموافقة على وحدات جديدة بست مراحل قبل أن تمنح السلطات الإسرائيلية موافقتها النهائية.

حصيلة الوحدات التي تمّت الموافقة عليها كانت من بين الأكبر منذ سنوات، رغم أنه لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى ستوسّع الوحدات الجديدة الوجود الفعلي لـ(إسرائيل) في الضفة الغربية. وفي الماضي، توصّلت الحكومات التي ترأسها بنيامين نتنياهو إلى تفاهمات غير رسمية مع واشنطن، تم بموجبها توسيع المستوطنات في المناطق المتاخمة للوحدات المبنية بدلاً من امتدادها إلى مناطق جديدة تماماً؛ ومن غير المؤكد ما إذا كانت هذه الاتفاقات لا تزال سارية.

يعيش نحو 448,000 مستوطن إسرائيلي في الضفة. وعلى الرغم من نجاحه الانتخابي في رئاسة الائتلافات اليمينية، عادةً ما يُهزم نتنياهو في صناديق الاقتراع عندما يحاول استمالة الناخبين من المستوطنين. وفي المقابل، لا يرى المستوطنون خارج الحاجز الأمني أي فرصة للحفاظ على مستوطناتهم المغتصبة في إطار مقاربة الدولتين؛ وهم أكثر عرضة لأن يتم التخلي عنهم في حال حدوث تبادل للأراضي. وبالتالي، يشكّون إلى حدّ كبير بالتزام نتنياهو الإيديولوجي بهم، ولم يغرّهم بسهولة تراجعه الظاهري عن مقاربة الدولتين في السنوات الأخيرة.

أحزاب من يمين نتنياهو استفادت من هذا الواقع، حيث هزمته بهامش ثلاثة إلى واحد في أوساط الناخبين من المستوطنين. وصحّ هذا الاتجاه أيضاً حتى خلال الحملة الانتخابية في نيسان/ أبريل، حين أشار نتنياهو علناً إلى إمكانية قيام كيان الاحتلال بضم أجزاء من الضفة الغربية بشكل أحادي الجانب. ومن خلال جعل الحكومة توافق على المزيد من الوحدات قبل إعادة الانتخابات الشهر المقبل، ربما يحاول نتنياهو أن يُظهر للمستوطنين أنه يمكن الوثوق به من الناحية الإيديولوجية. وربما لم يكن من المستغرب أن تكون بيت إيل إحدى المستوطنات التي حصلت على أكثر الوحدات الجديدة (382). وهي مستوطنة إيديولوجية مُحببة من قبل الرئيس السابق لجمعية "أصدقاء بيت إيل الأمريكيين"، السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان.

على الرغم من الشكوك المتزايدة، يصرّ مستشارو الرئيس ترامب على أنهم سيعرضون خطتهم للسلام في المستقبل القريب، حتى لو لم يتم ذلك إلّا بعد الانتخابات التي ستُجرى في كيان الاحتلال في 17 أيلول/سبتمبر. بيد أنه إذا كان بناء ثلثيْ الوحدات الاستيطانية الإسرائيلية الجديدة خارج الحاجز الأمني الذي يحاول الاحتلال شرعنته هو المعيار الجديد وليس مجرد تضليل قبل الانتخابات، فسوف يؤدي ذلك إلى تآكل أي ثقة متبقية في مساعي جهود السلام الأمريكية التي لا يبدو أنها تحظى بأي قبول فلسطيني مهما بلغت درجة الاختلاف بين الفلسطينيين أنفسهم. لكن بالمقابل، وبصرف النظر عن الحملات الانتخابية التي يحاول من خلالها بنيامين نتنياهو تقوية حظوظه في تأمين فوز مريح في انتخابات الشهر المقبل (أيلول/ سبتمبر)، إلا أن النزعة الاستيطانية لدى نتنياهو وصقور حزبه وتحالفاته السياسية، لا تبدو مرتبطة بغايات انتخابية فحسب، بل بمسعى حثيث لمسابقة خطة (السلام) الأمريكية الجديدة أو ما بات يعرف بصفقة القرن، لزيادة حصة كيانه الغاصب من الأراضي المنهوبة في الضفة الغربية ومنحها لقطيع المستوطنين، فيما تقف الهيئات السياسية الفلسطينية الرسمية في الضفة الغربية عاجزة عن إبداء أي اعتراض أو حتى التنديد بذلك!