تقييم إسرائيلي للهجمات الأخيرة على حدود غزة
د. عدنان أبو عامر
رغم اختلاف زوايا القراءة الإسرائيلية للتطورات الميدانية الحاصلة داخل غزة وعلى حدودها، لكن تطورات الأيام الأخيرة، لاسيما استشهاد عدد من المقاتلين الفلسطينيين خلال اشتباكات مع جيش الاحتلال، أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الحدود ستبقى في حالة توتر دائمة، قد تكون أقل من حرب، لكنها بالتأكيد لن تنعم بالهدوء للجيش والمستوطنين.
صحيح أن جيش الاحتلال يبدي جاهزيته لمواجهة مسيرات العودة على حدود القطاع، سواء باستهداف المتظاهرين المدنيين، واستخدام نيران القناصة في قتل الأطفال، والتسبب بإعاقات دائمة، لكنه في الوقت ذاته يعترف بوجود مشكلة لديه بالتعامل مع ما يصفها عمليات التسلل التي ينفذها فلسطينيون بين حين وآخر، كما تكرر على حدود غزة في الأيام الأخيرة عبر سلسلة من الهجمات المسلحة ضد الجيش الإسرائيلي.
باتت مثل هذه الهجمات، بعيدا عن توصيفها، في كونها فردية أم منظمة، ذاتية أم موجهة، موضع بحث إسرائيلي في التعرف على أسبابها ودوافعها، وماذا يعني أن تكون فردية، وهل أن الفصائل الفلسطينية ربما فقدت السيطرة على مقاتليها الذين ينفذون عمليات دون توجيه منها، وإلى أي حد سيبقى الجيش الإسرائيلي مقتنعا برواية أنها أعمال فردية وليست موجهة، وهل هي عمليات فردية فعلا، أم سياسة جديدة تهدف لاستنزاف الجيش؟
يعتقد الإسرائيليون أنهم ما زالوا يعيشون آثار العدوان الأخير على غزة، حيث ما زال الفلسطينيون يعانون من ضائقة معيشية في غزة، ومن الطبيعي أن يعملوا على تصدير أزماتهم الداخلية نحو اسرائيل، ولذلك ما زالت المخاوف الإسرائيلية جدية باتجاه أن تنجح عملية واحدة مما وقعت في الأيام الأخيرة باستهداف قوة عسكرية أو مستوطنين، رغم الحملات الدورية للجيش لتعقب والعثور على أي متسلل على حدود القطاع.
ربما تعيد هذه العمليات إلى الأذهان سيناريوهات إسرائيلية متوقعة قادمة من غزة تتمثل باقتحام الحدود من قبل آلاف الفلسطينيين باتجاه التجمعات الاستيطانية والمواقع العسكرية، بما في ذلك قيادة مسلحين لدراجات نارية لتنفيذ عمليات في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهو سيناريو غير منفصل عن الواقع، مما تطلب من قيادة الجيش البحث عن أفكار جديدة للتصدي لها، وإجراء حوارات مع كبار ضباط القيادة الجنوبية.
الحلول الإسرائيلية المطروحة لمواجهة هذه العمليات والهجمات الحدودية تسعى للتصدي لها دون التدهور إلى حرب مفتوحة ضد حماس، لأن لكل عملية تبعات عسكرية وميدانية وعملياتية، وآثارا على الصعيدين الأمني والسياسي، مع أن أحد أهم أهداف الجيش يكمن باستكمال أعمال الجدار التحت أرضي ضد الأنفاق، ثم التعامل مع المظاهرات الحدودية والعمليات المسلحة، بما في ذلك احتمال التدهور إلى حرب شاملة.