فلسطين أون لاين

بادر أو غادر

الوضع السياسي الفلسطيني جعل الحليم حيرانَ، فما أوصلنا إلى هذه الحالة من المناكفات والتناقضات التي تعيشها الفصائل الفلسطينية هو الاحتلال والحصار الإسرائيلي، أي أن السبب الرئيس هو الاحتلال ثم يأتي بعد ذلك بفارق كبير جدا الأداء الفصائلي تحت الضغوط الإسرائيلية والغربية والعربية.

عندما انتخب الشعب الفلسطيني حركة حماس لتمثيله في المجلس التشريعي دعت الحركة باقي الفصائل للانضمام لحكومتها الجديدة، حماس لم تشترط على فصائل منظمة التحرير لدخول الحكومة أن تسحب اعترافها بشرعية الاحتلال، لم تطلب منهم توقيع التزام بإقامة خلافة راشدة على منهاج النبوة، لأن الحكومة ما هي إلا أداة بسيطة لإدارة شؤون الفلسطينيين في ظل الاحتلال، والاحتلال يعني عدم وجود حرية أو سيادة، وبالتالي لا يوجد حكم بالمعنى الحقيقي، حتى لو كانت لدينا مسمّيات، مثل: مجلس تشريعي وحكومة ووزراء، فتلك المسميات لا تكون حقيقيّة إلا على أرض محررة وذات سيادة مطلقة. قلنا إن حماس دعت فصائل المنظمة للمشاركة في الحكومة ولكن فصائل المنظمة رفضت رفضا قاطعا إلا إذا وافقت حماس على شروط الرباعية الدولية وهي الاعتراف بـ"إسرائيل" وكل الاتفاقيات التي وقعتها المنظمة معها إضافة الى نبذ " العنف" أي التخلي عن المقاومة. من هنا بدأت المعاناةحتى وصلنا الى ما وصلنا اليه، ولذلك لا يجوز منطقيا وعقليا الحكم على واقعنا الحالي، ومن هو المتسبب بالإضرار متجاهلين البداية المؤلمة.

فصائل منظمة التحرير التي تدّعي أنه لا علاقة لها بالانقسام أصبحت تمارس الانتقاد والتحليل السياسي المنحاز، فهي على سبيل المثال ترفض التفاهمات المتعثرة بين فصائل المقاومة والعدو الإسرائيلي بوساطة مصرية وترفض التهدئة، ولكنها بالمقابل لديها التزام حديدي بالتهدئة في الضفة الغربية، ثم انها ترفض إجراء انتخابات في غزة وتشارك في جميع الانتخابات في الضفة الغربية، وهناك امثلة لا حصر لها تثبت أن تلك الفصائل تعتبر أن الأصل هي منظمة التحرير ولا تجرؤ على مخالفتها رغم أنه لم يعد لها دور فيها، وهذا التناقض في عمل تلك الفصائل زاد الطين بلة وساهم في استمرار الانقسام وتعزيزه، سواء اعترفوا بذلك أم لم يعترفوا.

أنا أعتقد أن المطلوب من الفصائل دون استثناء إلى المبادرة لوضع حلول منطقية لإخراج قطاع غزة مما هي فيه، سواء بالدفع تجاه رفع الحصار الإسرائيلي أو بإنجاز المصالحة الوطنية، ومن لا يستطيع المبادرة عليه مغادرة الحلبة السياسية وعدم التدخل في صغائر ما يحدث في غزة بحجة الخشية من تعزيز الانقسام أو أي سبب آخر.

سمعت أحد القيادات بالأمس يقول: إن بقي الحال على ما هو عليه ستأتي اجيال تنفجر في وجه المسؤولين في غزة والضفة الغربية، وأنا أقول: إن الفرج أقرب من انتظار الأجيال القادمة إن شاء الله، ولن يكون هناك انفجار سوى في وجه الاحتلال، وإنه لن يكون هناك تيار ثالث لينازع حماس وفتح قيادة الشعب الفلسطيني، ولذلك لا بد من ترك وهم نشوء تيار ثالث، فقد جرب كثيرون استغلال الانقسام الداخلي والاصطياد في الماء العكر لتسمين شعبيتهم ولكنهم فشلوا واكتشفوا أن أمانيهم مجرد سراب.