بعد أن كانت سياسات التمييز العنصري في إسرائيل تتم بصمت ضد الفلسطينيين، أصحاب الأرض الأصليين، بعيدًا عن الإعلام، فقد انتقل التمييز الآن إلى المدن الكبيرة، ويتم فعله علناً وبغطاء كامل من الدولة، وتمثل أخيرًا في قرار بلدية العفولة بمنع غير اليهود من دخول حديقتها، رغم الاستئناف القضائي ضد القرار.
وقد كشف قرار بلدية العفولة بإغلاق حديقة المدينة أمام غير اليهود، أي أمام الفلسطينيين العرب، عن وجه جديد من سياسة التمييز العنصري التي تتبعها المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة ضد أهل البلاد وملحها.
ودعا رئيس بلدية العفولة اليهود لضرورة "رفع الأعلام الإسرائيلية في جميع أنحاء الحديقة، وتشغيل الموسيقى باللغة العبريّة، وحين نعلم بوصول السكان من غير اليهود، يجب إغلاق الحديقة"، وشكلت هذه المواقف رفضًا لوجود العرب، وهي سياسة عنصرية وانتقائية، وتجسيدًا لنظام الأبارتهايد، وحافزًا لمزيد من مظاهر العنصرية ضدهم بصورة سافرة، سواء بتقلد الوظائف، والحصول على موازنات البلديات، والحق بالتعليم.
شكّل قرار بلدية العفولة توجهًا متصاعدًا من السلطات الإسرائيلية نحو فصل حقيقي بين العرب واليهود في المساحات العامة، بشكل يذكر بجنوب إفريقيا حين سادها نظام الأبارتهايد، ما يعني أن القرار لم يأتِ عفوياً، بل امتداد للممارسات العنصرية في السنوات الأخيرة.
فيما رفض عدة رؤساء بلدية في مدينة "نتسرات عيليت" بناء مدرسة لتدريس اللغة العربية، منتهكين قانون التعليم الإسرائيلي، ما اضطر الأهالي الفلسطينيين لإرسال أبنائهم لمدارس الناصرة.
وأظهر استطلاع إسرائيلي أن 74% منهم ينزعجون من سماع اللغة العربية، وهي اللغة الأم لخمس السكان، وأن 88% سوف يقلقون إن أحبّ ابنهم فتاة عربية.
وتنتهج إسرائيل سياسة عنصرية سافرة ضد الفلسطينيين الحاملين لجنسيتها، ويعيشون فيها، حيث يحظر عليهم شراء أو استئجار الممتلكات الخاصة بالوكالة اليهودية، أو الصندوق القومي اليهودي، وحتى عند صدور حكم قضائي بالسماح لهم بالشراء، يبقى القرار نظريًا.
فيما أصدر 50 حاخاما فتوى ضد اليهود الذين يؤجرون ويبيعون البيوت للفلسطينيين، وخصص نائب رئيس بلدية كرمئيل رقم هاتف يتصل به اليهود للإخبار عن جيرانهم الذي باعوا بيوتهم لفلسطينيين.
وفي العالم الافتراضي، ينشر الإسرائيليون منشورًا تحريضيًا ضد العرب كل 66 ثانية، والفيسبوك هو أكثر منصة ينتشر فيها التحريض بنسبة 66%، يتبعها تويتر بنسبة 16%، ونَشرت وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية في 2018 ما مجموعه 474,250 منشورًا مشينًا وعنصريًا وتحريضيًا ضد الفلسطينيين.
كل ما تقدم يعني أن قرار بلدية العفولة ليس استثناء، بل سياسة إسرائيلية حكومية معممة، تهدف لإقصاء الفلسطينيين والعرب، تمهيدا لإخلاء الدولة من غير اليهود، في أحدث مشهد من مشاهد الابارتهايد!