زعم الأمن الإسرائيليّ قبل أسابيع اعتقال خبير متفجّرات فلسطينيّ من غزّة كان ينوي إنشاء مختبر تصنيع متفجّرات داخل إسرائيل لصناعة عبوات ناسفة، وتلقّى تدريبات من المقاومة الفلسطينية.
يرتبط الكشف الإسرائيليّ مع ما شهدته الضفّة الغربيّة مؤخرا من اعتقالات إسرائيليّة واسعة، بينهم قيادات وكوادر حماس وأسرى محرّرون، وتركّزت الاعتقالات في مدن: قلقيليّة، بيت لحم، وجنين.
وفي إبريل أعلنت إسرائيل إحباط عمليّة تفجيريّة عكفت خليّة لحماس على تنفيذها بمستوطنة معاليه أدوميم قرب القدس، بالتزامن مع الانتخابات الإسرائيليّة، وفي فبراير، اعتقلت السلطة خليّة لحماس خطّطت لتنفيذ عمليّات داخل إسرائيل بأحزمة ناسفة، وهذا يعني أن مواصلة إسرائيل نشر الأخبار عن اعتقالها لمن تتّهمهم بالتخطيط لعمليّات مسلّحة وتصنيع متفجّرات، بأنّ المقاومة تحثّ وتشجّع أهالي الضفّة على مواصلة هجماتهم ضدّ الاحتلال.
في غمرة الأخبار المتواترة، لا يجب أن ننسى أن جهاز الشاباك يبالغ بإنجازاته الأمنيّة، رغم أنه ليس سرًا أن المقاومة تسعى لتمديد ساحة عملها من غزّة للضفّة لمهاجمة إسرائيل، لا سيما أن البيئة الشعبيّة في الضفّة قد تكون داعمة للمقاومة، رغم كلفتها الباهظة، كما أن نقل الخبرة العسكريّة من غزّة للضفّة رغبة معلنة للمقاومة، بدليل ما تعلنه إسرائيل بين الحين والآخر عن إحباط عمليّات لها علاقة بغزّة قبل وقوعها، بجانب وجود توجّهات فرديّة لإشعال الضفّة.
شهدت الأشهر الأولى من عام 2019م اعتقال إسرائيل 1077 فلسطينيًّا، ومصادرة 263 قطعة سلاح، وكشف 200 مجموعة مسلّحة، أمّا عام 2018م فشهد اعتقال 3173، ومصادرة 406 قطعة سلاح، وكشف 802 مجموعة مسلّحة، في حين أكد آخر استطلاع للرأي بين الفلسطينيين أن 38% منهم يؤيدون العمل المسلح ضد إسرائيل، و23% مع المقاومة الشعبية السلمية.
دأبت إسرائيل عندما تكشف الخلايا المسلحة بالضفة الغربية أن تزعم علاقتها مع قيادة حماس في غزة، وهو ما يحمل أهدافًا عديدة كالتحريض على القطاع، وحصر جهود تنفيذ العمليّات برغبة حماس في غزّة، وكأنّ الأمر لا ترغب به الضفّة، مما قد تعتبره إسرائيل ذريعة لتشديد حصار غزّة، وتأليب المجتمع الدوليّ ضدها.
هدف ضمني آخر تسعى إسرائيل لتحقيقه من الكشف عن قضيّة مختبر المتفجّرات في الضفّة، بغضّ النظر عن دقّته، وهو أن ترسل رسالة للسلطة مفادها أنّ الأوضاع الأمنيّة حولها ليست مستقرّة، وقد تنقلب فجأة بسبب هجمات حماس، بما يحمل تخويفًا للسلطة من جهود الحركة لإشعال الضفّة، ومنحها مسوغات للمزيد من الضغط على الحركة.
يعرف العالمون ببواطن الأمور أن عيون الأمن الفلسطينيّ والإسرائيليّ في الضفة الغربية مفتوحة على المقاومة، فهما يعلمان أنّ الضفّة ساحة المواجهة المستقبليّة، مما يجعلهما يتبذلان جهودًا استنزافيّة لبعضهما، بدليل استمرار محاولات المقاومة المتواصلة لنقل معركتها مع إسرائيل إلى الضفّة.