في ذروة العلاقات الوثيقة بين مصر وإسرائيل يخرج الفيلم السينمائي المصري "الممر" الذي يحاكي حقبة ما بعد هزيمة 1967، وحرب الاستنزاف، وصولا إلى حرب 1973، وقد أثار كثيرا من ردود الفعل السينمائية والفنية، سواء لحجم الجهد المبذول فيه، أو موازنته المالية التي بلغت ستة ملايين دولار.
لكن ردود الفعل الإسرائيلية جاءت مفاجئة، سواء لمتابعتها الحثيثة، أو لتأثير الفيلم على أجواء العلاقات السائدة بين تل أبيب والقاهرة، حتى أن أحد التعليقات توقعت أن يبحث رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع الرئيس عبد الفتاح السيسي موضوع الفيلم في أقرب محادثة لهما!
من المآخذ الإسرائيلية على الفيلم أنه يصور اليهود بأنهم مصاصو دماء، ويظهر الجيش الإسرائيلي بأنه سادي، يقتل الأسرى المصريين والعرب، وتكمن رسالة الفيلم بصورة واضحة بضرورة إيقاع الهزيمة بذلك الجيش، واستمرار وصف إسرائيل في حوارات الممثلين وأبطال الفيلم بأنها "العدو الصهيوني".
تتحفظ الأوساط الإسرائيلية على أن طاقم الفيلم قام بزيارات عديدة إلى قواعد الكوماندوز المصري للتدرب على كيفية تصوير بعض المشاهد القتالية الحربية، بجانب أن الجمهور المصري والعربي ما زال يواصل المشاهدة والتوافد على دور السينما، مما يعني أنه لاقى ترحيبا في أوساط المصريين.
أكثر من ذلك، فقد تجاوزت عروض الفيلم دور السينما المصرية إلى دول: الأردن ولبنان ودبي والإمارات الخليجية والسعودية، ويتم التخطيط الآن لعرضه في دور السينما الأوروبية والأمريكية وكندا، كما تجندت شركة الطيران المصرية لأخذ أبطال الفيلم والمخرج والمنتج في رحلات مجانية حول العالم.
يتساءل الإسرائيليون: ما الذي دفع مخرج الفيلم شريف عرفة، للعودة أكثر من خمسين عاما إلى الوراء لإعادة أجواء العداء بين مصر وإسرائيل، خاصة في الوقت الذي دأب فيه السيسي على التذكير أنه يجري محادثات متقاربة مع نتنياهو، مما أنشأ علاقات خاصة بينهما، وسيبدو مثيرا ما الذي يقوله نتنياهو للسيسي في أقرب محادثة بينهما عن الفيلم.
يتزامن عرض الفيلم المصري مع الإعلانات الإسرائيلية المتكررة أن سلاحها الجوي حصل على موافقة من نظيرها المصري بالعمل داخل سيناء لتفجير مواقع المسلحين فيها، مما يثير علامات استفهام حول مشروعية النشاط العسكري الإسرائيلي في سيناء، لأن الضابط الإسرائيلي الظاهر في الفيلم يظهر قاتلا دائما للأسرى وخاطفا للعرب.
لاشك أن النسبة الكبيرة من مشاهدي الفيلم، سواء في دور السينما أو شبكة الانترنيت، هم من الجيل الصغير الذي تطالبه الدولة المصرية اليوم بالانفتاح على إسرائيل، في حين يصور الفيلم الجنود الإسرائيليين بأنهم يقتلون الأسرى المصريين، ويفجرون قواعد جيشهم، ويُظهر الجنود المصريين مستعدين للتضحية بحياتهم من أجل الوطن، ومحاربة القتلة الساديين الإسرائيليين.