فلسطين أون لاين

​تقدير موقف

لا مبالاة إسرائيلية تجاه تهديدات السلطة بتسريح عناصرها الأمنية

منذ بدء الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية، ظهرت تبعاتها بمختلف مفاصلها: وزارات وبلديات ومحافظات، لكن اللافت جاء على لسان عدد من مسئوليها حول إمكانية تضرر الوضع الأمني بالضفة الغربية بسبب الأزمة، مما حمل تهديدا أمنياً لإسرائيل، التي تنعم بهدوء أمني هناك لم تشهده منذ سنوات طويلة.

فقد أعلن محمد اشتية رئيس الحكومة أن "السلطة ستبدأ بتسريح عناصرها الأمنية، لو استمرت الأزمة المالية الراهنة، لأن الأزمة تشتد، وفي حال استمرارها فلن نقدر على تغطية نفقاتهم".

رغم القطيعة السياسية بين السلطة و(إسرائيل)، والعقوبات المالية عليها، لكن هناك اطمئنان إسرائيلي بأن هذه الأوضاع لن تضر بالتنسيق الأمني، لأنه واجه اختبارات صعبة في الآونة الأخيرة، واستطاع الصمود رغم العديد من الحوادث التي صبت المزيد من الزيت على نار التوتر بينهما.

مع أن التنسيق الأمني هو الأمر الوحيد القائم بين السلطة وإسرائيل، ففي كل توتر وحادث ميداني بينهما سرعان ما تعود العلاقة لسابق عهدها، فلديهما الكثير مما يخسرانه إن توقف التنسيق، لأنه يمنع اشتعال الوضع الميداني، لأن أيًّا منهما ليس معنيًّا به.

تعلم السلطة و(إسرائيل) أن أي حادث أمني ميداني كفيل بذهابهما لموجة تصعيد غير مسيطر عليها، وقد يكون صعبًا جدًّا وقفها، وكبح جماحها، مع أننا لم نكن بعيدين كثيرًا عن هذه المرحلة، فتنسيق الجانبين لعمليات الجيش الإسرائيلي في المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية مسألة حساسة دائمًا.

ولذلك قد تعمل (إسرائيل) على استثناء أجهزة الأمن الفلسطينية من هذه العقوبات المالية، سواء عبرها مباشرة أو من خلال الإدارة الأمريكية، فالأمن لديها خط أحمر، ويصعب عليها التفريط به.

هذا يجعلنا نقدر أن تهديدات السلطة وزعمائها بانفلات الوضع الأمني من خلال تسريح عناصر الأجهزة الأمنية بسبب الأزمة المالية، يشبه إلى حد بعيد تهديداتهم السابقة بتسليم مفاتيح الضفة الغربية لـ(إسرائيل)، وتفكيك السلطة، وفي كل مرة كان يتوقف هذا السيناريو في اللحظة الأخيرة، ولم يكن أحد في (إسرائيل) يتأثر بصورة فعلية من تهديد سكان المقاطعة، وفي كل مرة، لم يبدُ الأمر حقيقيًّا.

(إسرائيل) تعلم تمامًا أن بقاء السلطة، واستمرار عمل أجهزتها الأمنية حاجة إسرائيلية ومصلحة استراتيجية واضحة، لكن خطورة القرار الإسرائيلي اليوم باقتطاع أموال المقاصة الفلسطينية قد يجعل (إسرائيل) تجد نفسها بين أنقاض السلطة وركامها، وقد تشتاق إلى الوضع الذي سبق انهيار أجهزتها الأمنية.

ولذلك يمكن الإشارة بكثير من الثقة أن كلام "اشتية" يحمل رسالة تخويفية لـ(إسرائيل) والولايات المتحدة بانفراط عقد الوضع الأمني في الضفة، أكثر من كونه تهديدا جدياً، لأنه يعلم ومعه الرئيس عباس أن أي تزعزع في الوضع الأمني بالضفة سيدفعون ثمنه قبل أي طرف آخر.