تقدير موقف
ما زال الإسرائيليون يتجرعون مرارة فشل عملية الوحدة الأمنية الخاصة التي كشفت عنها المقاومة في خان يونس في نوفمبر الماضي، وباتوا يطلقون عليها اسم "عملية خان يونس الفاشلة"، في ظل استمرار التحقيقات الأمنية التي كشفت عن جانب منها، بصفتها لم تكن عملية عادية أو تقليدية.
جرت العادة في هذه العمليات الخاصة أن يصمت الجيش، ولا يكشف من تحقيقاته شيئا، فالكشف عن بعض التفاصيل مخاطرة بعمليات مستقبلية، وبأرواح أفرادها، وكشف لطريقة العمل، وفوق كل ذلك مخاطرة بأمن (إسرائيل).
لقد شهدت المنظومة الأمنية الإسرائيلية نقاشات ساخنة وجدالات حامية حول كشف تفاصيل العملية ومجرياتها، وفي حال تم الكشف فإلى أي مدى؟ لكن كبار الضباط والجنرالات الإسرائيليين قرروا في النهاية أن يكشفوا عن بعض النتائج، وإبقاء البعض الآخر والأكثر والأهم قيد الأدراج الأمنية وحبيسة صدورهم.
أيقنت (إسرائيل)، أو هكذا اعتقدت، أنه لا سبيل آخر لترميم الصورة التي تضررت كثيرا لوحدة العمليات الخاصة ورجالها دون أن يكون للإسرائيليين معرفة بالذي حصل، وهل تم فحصه؟ وأين حصل الشرخ؟ ومعرفة كل الثغرات والسقطات التي وقعت فيها القوة الخاصة، لأننا أمام عملية معقدة يقع جهاز الاستخبارات في صلبها، فقد أُقيل ضباط كبار، وما زالت الهزة الأرضية متفاعلة داخل المنظومة.
يمتلك العديد من المسئولين الأمنيين الإسرائيليين تحفظات كثيرة على عمل هذه القوة التي أدت في النهاية لما حصل من إخفاق في خان يونس، ولذلك كان لا بد من الإطاحة ببعض الرؤوس في المنظومة الأمنية، بصفتها عملية اضطرارية، كي يرى الجميع كيف تتم المحاسبة، فكل من كان متورطا في العملية، وعرف أين تكمن مسئوليته، والضرر الذي تسبب به كان يجب أن يخضع للمساءلة، وهو ما تم بالفعل.
لا يعفي قدرة القوة الخاصة على إخلاء أفرادها من ساحة القتال شرق خان يونس من طرح الأسئلة الصعبة عن اللحظات السيئة في عملها: ما الأسباب التي أدت لتورطها، أين تكمن الإشكالات الميدانية التي حصلت؟ أين نقطة ضعفها في التفاصيل، وكذلك القضايا العملياتية؟
لقد أسفرت عملية خان يونس عن أضرار كبيرة، بعضها جوهرية وحيوية، سيستغرق إصلاحها سنوات طويلة، هذا جزء من المخاطرة العملياتية لهذه الوحدات، لا حروب نظيفة ولا عمليات آمنة، ويكمن الدرس في عدم الاستهتار الخطير، ولو كان بمناطق آمنة، وضرورة العمل الدائم والاستعداد المكثف لمواجهة أي عمليات مفاجئة وسيناريوهات متطرفة، ولو لم يكن أمامنا في التخطيط النظري أي أخطار متوقعة.
اللافت الأهم في نتائج التحقيق أنه في حال لم تنجح القوة بإنقاذ أفرادها، ووقعت في أسر حماس، فقد كان الجيش ذاهبًا باتجاه إعادة احتلال غزة، وهذا مدار نقاش آخر!