سمعت حديثا لأحد القادة في قطاع غزة موجها إلى مشاركين في مسيرات العودة الكبرى، حديثه حمل الكثير من التهديد والوعيد لدولة الاحتلال "إسرائيل" ولرئيس وزرائها إن استمر الحصار على قطاع غزة، وكذلك تم إرسال رسالة مفادها أن الوسطاء لا بد أن يأخذوا بعين الاعتبار المصالح الفلسطينية وعدم محاولة "إسكات الفلسطينيين".
الحديث كان ارتجاليا ومتأثرا بشحنة الغضب التي خلفتها جريمة اغتيال أحد رجال المقاومة الفلسطينية، ولذلك رأينا فيه الكثير مما لا يجب أن يقال، سواء بسبب مخالفته لنهج المقاومة الفلسطينية وخاصة كتائب عز الدين القسام، أو بسبب تأثيره السلبي المحتمل على واقع غزة ومصالح أهلنا فيها وفي الشتات.
هناك إجماع فلسطيني على أن معركتنا حاليا مع المحتل الإسرائيلي وليست مع اليهود خارج حدود الوطن. القيادي الفلسطيني طالب الفلسطينيين في الخارج باستهداف اليهود أينما وجدوا، وهذه دعوة مخالفة للإجماع الفلسطيني. الفلسطينيون في الخارج لهم دور في نصرة القضية الفلسطينية ولكن بالطرق القانونية التي تحافظ على وجودهم وحقوقهم وقضيتهم.
حركة المقاومة الإسلامية حماس حصرت مواجهتها مع الاحتلال داخل حدود الوطن، لم تحاول نقلها إلى دول عربية أو أجنبية رغم تجاوزات الاحتلال واستهدافه لقادة الشعب الفلسطيني خارج الوطن، حركة حماس لن تلجأ يوما إلى استهداف يهودي بسبب ديانته طالما لا علاقة مباشرة له في دعم الكيان الإسرائيلي، أما من كانت له علاقة فقد تستهدفه إذا أصر المحتل الإسرائيلي على توسيع الصراع ليشمل الخارج.
المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بلغت مرحلة متقدمة من التخطيط والإعداد وإدارة الصراع مع المحتل الإسرائيلي، وهذا أمر لا يخفى على أحد، ولذلك لا نتوقع أي ردود متعجلة وغير محسوبة، والقرارات لم تعد فردية بل هناك تنسيق بين الفصائل الفاعلة، تعمل في حالات الهدوء والتصعيد والحرب، ولكن قد تحدث بعض الانتهاكات على شكل إطلاق صواريخ غير متفق عليه ويتم معالجته، او إطلاق تصريحات غير مفيدة ويتمالتعامل معها ايضا، لأن المقاومة في هذا الوقت الحساس لا تحتمل من يشغلها باجتهاداته الخاصة سواء العملية منها أو التنظيرية.
ولكن ما هو مؤكد أنه لم يعد هناك مجال لدى المقاومة أو الشعب لاحتمال التلكؤ الإسرائيلي في تطبيق التفاهمات فضلا عن احتمال انتهاكاته وجرائمه ضد شعبنا الفلسطيني، وكذلك لم يعد مقبولا كثرة الزيارات إلى غزة دون نتائج تذكر وكأن الهدف منها قتل الوقت أو امتصاص غضب الشارع الفلسطيني بعد كل جريمة يرتكبها المحتل الإسرائيلي.