صدر عن مجلس الوزراء أن المستشفى الذي تسعى إسرائيل وأمريكا لإقامته على الحدود الشمالية لقطاع غزة إنما يأتي في إطار المحاولات المستمرة لتكريس الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية تحت ذرائع إنسانية، واعتبرت الحكومة أن إقامة مثل هذا المستشفى خارج عن منظومة العمل الوطني والحكومي.
لا بد في البداية أن نذكر بأن "إسرائيل" -ومن خلفها المجتمع الدولي المنافق- لم تأخذ رأي السلطة الفلسطينية ولا رأي أي طرف فلسطيني حينما ضربت الحصار على قطاع غزة منذ 12 عاما، وليس هناك من سبيل لرفع الحصار سوى استخدام المقاومة بكل أشكالها، ولولا مقاومة سكان القطاع لاستمر الحصار حتى يرفع الشعب الراية البيضاء ويمتثل لكل شروط الاحتلال، ولكن الأمور جرت بعكس ما تشتهي "إسرائيل" أو من له رغبة عارمة في كسر المقاومة في غزة مثل بعض الأنظمة العربية. عندما تعلن دولة الاحتلال عن تخفيفها للحصار أو إدخال بعض التسهيلات لسكان غزة فذلك ليس برغبتها ولا حتى بإرادتها وإنما رغما عنها.
"إسرائيل" لا تسعى لإقامة مستشفى على حدود غزة كما تقول الحكومة، ولكنها ربما لا تستطيع رفض إقامته حاليا، وقد تحاول مستقبلا إذا ما بدأ المشروع عرقلة العمل به بأي طريقة كانت، ونحن نرى كيف يصبح سكان غزة على 12 ميلا بحريا ويمسون على 6 أو على إغلاق كامل للبحر، هل تستشير "إسرائيل" أحدًا عند اتخاذ قراراتها؟
الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة تسعى إلى رفع الحصار بشكل كامل، وإلى أن يتم ذلك ستكون هناك خطوات عملية لتسهيل حياة الناس ضمن تفاهمات المقاومة مع المحتل الإسرائيلي، ولا نستطيع القول إن ذلك يعزز الانقسام، وفي النهاية إذا خيرت غزة بين مصالحة في ظل حصار أبدي أو انقسام دون حصار، فستختار رفع الحصار وستترك للفصائل إنهاء الانقسام براحتهم وعلى أقل من مهلهم.
في النهاية علينا أن نفصل فصلا تاما بين معركة رفع الحصار وبين خلافاتنا الداخلية، لا يجوز ربط الحصار وتطوراته سلبية كانت أو إيجابية وبين الانقسام وتقلباته، وهذا لا يعني الموافقة على رفع الحصار بأي ثمن، أي لا يجوز تقديم تنازلات من جانب المقاومة على حساب القضية الفلسطينية أو ثوابت الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية، ونحن لا نرى حتى هذه اللحظة أي خرق للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لهذه المبادئ.