صدر عن الرئاسة الفلسطينية في أكثر من مناسبة في الأيام الأخيرة أنه قُدِّم عرض لحماس يتعلق بالانتخابات. العرض يتمثل في اشتراك فتح وحماس في قائمة واحدة في انتخابات قادمة لم يحدد موعدها بعد، أنا لا أعلم حقيقة العرض وماهيته، وكذلك لا أدري إن كانت حماس ستوافق عليه أم سترفضه أم ستكتفي بتجاهله.
عندما نتحدث عن قائمة واحدة تضم حماس وفتح لا بد أن يدفعنا ذلك للتفكير في سبب خروج مثل هذه الفكرة إلى العلن. قد تكون الحاجة إلى توافق فتح وحماس وعدم استحواذ أي منهما على الغالبية في الشارع الفلسطيني سببا للفكرة، أو أن حركة فتح تخشى أن تغامر في دخول الانتخابات ولا تحقق ما تصبو إليه، وخاصة أن التحديات أمام حركة فتح أكبر بكثير من التحديات وقت الانتخابات التشريعية الأخيرة التي حصلت فيها حماس على أغلبية مريحة، ومنيت فتح وفصائل منظمة التحرير بخسارة لم تكن في الحسبان.
إن وجود قائمة واحدة تضم فصيلين يمثلان قرابة 85% من الشارع الفلسطيني يعني فعليا إلغاء العملية الديمقراطية، وهي أقرب إلى "التزكية" منها إلى الانتخابات، ولكن حينها ستكون السيطرة المطلقة لصالح حركة فتح، لأن فصائل منظمة التحرير ستشارك في الانتخابات ثم تكون إلى جانب حركة فتح، أي أن نتيجة انتخابات القائمة الواحدة لفتح وحماس ستعني السيطرة المؤكدة لفصائل منظمة التحرير بما فيها فتح على المجلسين التشريعي والوطني. لا أتصور أن تتحالف فصائل منظمة التحرير بعد فوزها مع حركة حماس، ولذلك فإن أغلب الظن أن ترفض حركة حماس الفكرة من أساسها لأنها في غير صالحها.
يمكننا إلغاء العملية الديمقراطية والتمسك بالتوافق وحماية الصف الوطني وتبديد مخاوف أي فصيل يخشى على نفسه من الانتخابات _وقد ذكرت ذلك في مقالات سابقة_ لا بد من اللجوء إلى التوافق المباشر لاختيار ممثلين للشعب من جميع الفصائل الوطنية والإسلامية لإدارة أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، وإن كان هناك من يحتج بأن عدم إجراء انتخابات قد يلاقى رفضا من المجتمع الدولي نقول إن المجتمع الدولي يتعامل في فلسطين مع مؤسسات منتهية الصلاحية ومؤسسات لم تكتسب شرعيتها حسب الدستور الفلسطيني، كما أنني أذكر أن العقبة لا تكمن في إجراء الانتخابات ولا في التوافق، ولكن العقبة في اختلاف البرامج، وكذلك في خشية فصائل منظمة التحرير أن تشاركها القوى الإسلامية في إدارة المنظمة، وحينها ستظهر الفصائل الصغيرة بحجمها الطبيعي، وهذه نهاية غير سعيدة لزعامات تلك الفصائل.