فلسطين أون لاين

​الخطّة الأمريكية للتسوية.. صفعةٌ لـ"مبادرة السلام العربية" وتجاوزٌ لكل شيء

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:


بشور: المبادرة العربية كانت بالأساس حلًّا وسطًا لكن الموقف العربي يُقزّم نفسه بيده

البسوس: "صفقة القرن" لا تتعاطى مع الحدّ الأدنى بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967


لا تُناقض الخطة الأمريكية للتسوية المعروفة باسم "صفقة القرن" القرارات الدولية فحسب، بل تتجاوز ذلك لتوجّه صفعة جديدة لـ"مبادرة السلام العربية" من قلب العاصمة العربية المنامة، عبر "مؤتمر البحرين" التصفوي.

ووفقاً للمبادرة العربية، يطالب عدد من الدول العربية في مقدمتهم السعودية، بإقامة دولة فلسطينية على طول الحدود التي كانت قبل احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967، وتكون عاصمتها شرقي القدس، علاوةً على منح حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو ما يرفضه الاحتلال الإسرائيلي، فهل مشاركة دول عربية في "مؤتمر البحرين" تعني موت المبادرة العربية، وموافقة ضمنية من تلك الدول على الصفقة؟

جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره، قال: "إن البحث عن السلام في الشرق الأوسط يحتاج إلى فكر جديد. لا يمكن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين العربي والإسرائيلي في ظل الموقف الإسرائيلي والإصرار العربي على عودة (إسرائيل) إلى حدود ما قبل 1967".

وأضاف كوشنر في أثناء لقاء أجرته معه قناة "الجزيرة" الفضائية: "أعتقد أنه لا بد أن نعترف بأنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فلن يكون متماشياً مع مبادرة السلام العربية، بل سيكون حلاً وسطاً بين المبادرة والموقف الإسرائيلي".

تقزيم الموقف

يقول المفكر اللبناني معن بشور: "كنا نتوقع أن يأتي الرد على تصريحات كوشنر من الرياض نفسها، راعية المبادرة العربية، على يد ملكها الراحل عبد الله بن عبد العزيز، التي كان عنوانها يومها: التطبيع الكامل مقابل الانسحاب الكامل، فإذ بصفقة القرن تعتمد شعار: التطبيع الكامل وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على القدس والجولان والضفة الغربية في قادم الأيام".

وأضاف بشور لصحيفة "فلسطين" أن الموقف الأمريكي ليس جديداً، لكن الجديد هو إعلانه بكل "وقاحة" من عواصم عربية، وبحضور رسمي عربي لا يقيم وزناً لكل ما يشهده الشارع العربي من مظاهر الرفض لهذه الصفقة.

ويرى أن تصريحات كوشنر لا تؤسس لشيء عند الحكام العرب المنخرطين بالصفقة، مبيناً أن هؤلاء الحكام منذ مشاركتهم بالصفقة تنازلوا عن المبادرة العربية، أما على الصعيد الشعبي الفلسطيني والعربي فالرد على هذا الموقف الأمريكي يكون بتصعيد المقاومة وتعزيز الوحدة بين مكونات الشعوب.

وأشار بشور إلى أن المبادرة العربية في الأساس كانت حلاً وسطاً بين المطالب العربية والشروط الإسرائيلية، أما "صفقة القرن" فليست وسطاً بل هي انحياز كامل للاحتلال، والموقف الرسمي العربي يقزم نفسه بيده.

وبين أنه عندما انطلقت المبادرة بقمة الجامعة العربية في بيروت عام 2002، ذهب ولي العهد السعوي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، والتقى الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، وكان واضحاً كما نقل عن العاهل، أن واشنطن لا تعير أي أهمية للمبادرة العربية، التي ردت عليها (إسرائيل) مباشرة بإحكام الحصار على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، واحتلالمدن الضفة الغربية وارتكاب المجازر في جنين، معتقدًا أن من أطلق وكتب المبادرة هو الصحفي الأمريكي توماس فريدمان وتبناها ولي العهد السعودي.

قضم الحقوق

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس بعُمان، هاني البسوس، أن "صفقة القرن" من البداية ليس لها علاقة بكل ما سبق من اتفاقيات أو وعود، سواء اتفاق "كامب ديفيد" أو "أوسلو" وحتى المبادرة العربية، مؤكداً أن الصفقة تهدف لقضم الحق الفلسطيني وعدم التعاطي حتى مع الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية بدولة على حدود 1967.

وأضاف البسوس لـ"فلسطين" أن الصفقة تحاول الإطاحة بحقوق الشعب الفلسطيني والإبقاء على بعض الأشياء البسيطة التي لا تتعلق كثيرًا بجوهر القضية، من خلال سعيها لشطب حق اللاجئين، وإقامة كيان فلسطيني على أقل من 50% من حدود 1967.

وعدّ تصريحات كوشنر صفعةً لكل من يطبع من العرب، الذين نادوا بإمكانية وجود تسوية سياسية عادلة، مردفاً أنه "رغم أن حدود 1967 لم تكن عادلة، لكن اليوم هناك صفعة أخرى من خلال الالتفاف على كل ما جاء بالمبادرات السابقة على مستوى جامعة الدول العربية أو على مستوى المبادرات الدولية".

والحل الوسط الذي أشار إليه كوشنر، وفق البسوس، هو شطب الحق الفلسطيني، مشيراً إلى أن الموقف العربي شهد تغييراً كبيراً منذ "أوسلو"، وباتت اليوم معظم الدول العربية تتعاطى مع الطرح الجديد، كما أن المشاركة بـ"مؤتمر البحرين" تعني أنها موافقة ولو ضمنياً على ما تطرحه أمريكا من حلول سياسية.