فلسطين أون لاين

"فتيات المسجد الأقصى".. لجنة نظام تطوعية تعمل منذ 11 عامًا

...
غزة/ هدى الدلو:

في العادة قبل قدوم شهر رمضان بأيام عدة يبدأ رضوان عمرو في العمل على تجهيز لجنة "فتيات المسجد الأقصى" التطوعية الخاصة بالنظام، استعدادًا لاستقبال الشهر الفضيل في المسجد الأقصى. وتتلخص مهام ونشاطات الفتيات في اللجنة بكلمة (هام). إذ يرمز حرف الهاء إلى الهدوء الذي تحافظ عليه لجان النظام في الساحات سواء ذلك الإزعاج الناتج عن الأطفال في الساحات أو الإزعاج البصري بسبب الإضاءة، وحرف الألف يرمز إلى الأمن والعمل على توفيره في جميع مناطق المسجد من ناحية الحراسة والمفقودات والمسروقات، أما حرف الميم فيرمز إلى فتح المسارات أمام آلاف المصلين والحراس وطواقم الإسعاف.

وقال مسؤول اللجنة رضوان عمرو: "هذه اللجنة ليست وليدة اليوم، بل قائمة منذ 11 عامًا، على إثر حدث كان يتعلق بعصابة نسوية مختصة بالسرقة، وعلى مدار هذه الأعوام تطورت على مختلف الأصعدة كالمهام والنشاط والأعداد".

وأوضح عمرو لـ"فلسطين"، أن عمل اللجنة متكامل مع جميع الأطقم العاملة في المسجد الأقصى ومع حارسات وسدنة المسجد، وبإسناد من دائرة الأوقاف الإسلامية لخدمة ضيوف الرحمن في شهر رمضان الفضيل.

وعلى صعيد انتشار لجنة الفتيات التي تخدم جمهور النساء، أضاف عمرو أن اللجنة بدأت عملها في صحن الصخرة فقط، وكانت موزعة على ثلاث مناطق، أما اليوم فلجنة النظام منتشرة في صحن الصخرة وداخلها وعلى بواباتها، وتتضمن ثلاثة عشر موقعًا، وكل موقع يخضع لضابطة ومساعدتها وعشر فتيات، أما الصحن الخارجي للصخرة والساحات الأخرى الخاصة بالرجال فتتولى مهامها لجنة نظام الشباب.

وبين أنه في هذا العام توسع نشاط عمل اللجنة ليشمل مناطق إضافية تصلي فيها النساء لم تصلِّ فيها بالسنوات الماضية، ولا توجد فيها حارسات الأقصى، مثل الحرش الشمالي للمسجد في مناطق باب فيصل وحطة والأسباط، وفي الناحية الشرقية عند باب الرحمة، إذ تم تفريغ 6 ضابطات جديدات مع فتياتهن للخدمة هناك.

ليلة القدر

ولفت عمرو إلى أن ما يميز لجنة النظام عن باقي اللجان، أنها تعمل على مدار شهر رمضان، وطوال أيام الجمع الأربعة منذ ساعات الصباح، وبالتالي فاللجنة تغطي تقريبًا معظم الوقت الذي يكون فيه مصلين بالأقصى، وهي اللجنة الوحيدة التي تقوم بمثل هذا العمل.

وفي ليلة القدر تعمل كخلية نحل بمشاركة أعداد كبيرة من الفتيات، ومنهن بدون الزي الموحد الذي يتم توزيعه على الأعضاء من بداية الشهر، ويتم حشد كل الطاقات لليلة القدر، وخاصة بعد العاشر من رمضان لتزايد أعداد المصلين.

وتابع عمرو حديثه: "في العشر الأواخر تكون قمة الوجود والنفير في الأقصى، فيعملوا طوال الليل ويكونوا بين المصلين، ويوم ليلة القدر يقفون بين صفوف المصلين، وفي الصباح الباكر يتم تقسيم الفتيات إلى ورديات واحدة تستريح وأخرى تعمل، وساعات الذروة التي تمتد قبل الإفطار بساعتين حتى انتهاء صلاة الوتر، يكون الحشد لكل الفتيات، ويتناولن إفطارهن وهن واقفات بين الناس، وأحيانًا جزء منهن لا يتمكن من الصلاة".

ووصف تلك الليلة بأنها من أجمل الليالي في خدمة الأقصى، وهي أشبه بيوم التحرير، حيث يستشعرون نسمات ورحمات الله، وتنزل الملائكة، والرحمة والسكينة التي تحل على العباد، وبمجرد أن تنتهي ليلة القدر ينتهي عمل اللجنة الرسمي، ويتركن المجال للنظافة والترتيب، وجزء منهن يساعد في نظافة المكان، ولحظة انسحابهن تكون مؤثرة، بعد خدمة 30 ليلة، وتكون ممزوجة بالبكاء.

التطوع في اللجنة

وأشار عمرو إلى أنه يحق لأي فتاة مسلمة تعشق المسجد الأقصى المبارك الانضمام إلى صفوف اللجنة، بشرط الالتزام مظهرًا وسلوكًا بقيم الإسلام، واحترام قدسية المكان، والمحافظة عليه، ولديها الرغبة في خدمة ضيوفه لوجه الله تعالى.

ولا يوجد هناك شروط للالتحاق باللجنة لخدمة المسجد الأقصى، بغض النظر عن مكان سكنهن، وتفاصيلهن. ونبه إلى أنه يتم التنازل عن العمر في حال توافرت الكفاءة والخبرة، لأنه في النهاية هو عمل تطوعي.

وذكر أن المجموع التراكمي للملتحقات باللجنة في السنوات العشر الأخيرة بلغ 2700 متطوعة، في حين أن العام الأول لم يتجاوز فيه العدد 9 فتيات، والعام العاشر –الماضي- بلغ العدد أكثر من 400 فتاة.

لم تختلف معاناتهن عن معاناة حراس الأقصى، فالاحتلال الإسرائيلي بات لا يردعه شيء في المسجد، ويتصرف بنوع من فرض السلطة المطلقة على المسجد، ويحكم سيطرته في إدخال المواد للجان التطوعية، وجميعها يتعرض لمضايقات شأنها شأن الحراس والموظفين في الأقصى، كما يتعمد الاحتلال اعتقال وإبعاد بعض موظفي اللجنة من أجل إيقافها وتعطيل عملها.

ويأمل أن يكون الأقصى عامرا بالمصلين طيلة أيام العام، ودعا أهل الضفة الغربية والداخل المحتل إلى شد الرحال إليه، واستغلال الموسم الإيماني.