فلسطين أون لاين

جهود إسرائيلية حثيثة لترسيخ "السلام الاقتصادي"

فيما تتواصل القطيعة السياسيّة بين الفلسطينيّين وإسرائيل منذ عام 2014، فإنّ العلاقات الأمنيّة والاقتصاديّة مستمرّة عبر لقاءات التجّار ورجال الأعمال الفلسطينيّين بنظرائهم الإسرائيليّين.

شهدت الأيام الأخيرة سلسلة من اللقاءات، وفيما يزعم منظموها أنها تهدف لتعزيز الأواصر الاقتصاديّة لتحقيق السلام عبر الاقتصاد، أعلن آخرون عن مبادرات لتعاون تجاريّ وإقامة مناطق صناعيّة واستثمارات مشتركة، لاسيما في الضفة الغربية.

صحيح أن واقع الاحتلال الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة يحتّم التواصل بين التجّار الفلسطينيّين والمسئولين الإسرائيليين لحلّ مشاكلهم في التصدير والاستيراد والتصاريح والتراخيص، لكن الأفضل عدم وجود اللقاءات، لأنها تعني تبعيّة اقتصاديّة لإسرائيل، مما يتطلّب من السلطة إعداد خطّة للانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيليّ.

يسعى المتشجعون لهذه اللقاءات من التجار ورجال الأعمال الفلسطينيين لمحاولة تبريرها، بالقول إنها تأتي لإدخال تسهيلات على الفلسطينيين، وهي اجتماعات دوريّة، وهم يجلسون مع تجار ورجال أعمال إسرائيليّين، وليس مع الجيش أو القيادة الإسرائيليّة.

ليس سراً أن التاجر الفلسطيني يتّصل بالإسرائيليّين لتسهيل معاملاته الاقتصاديّة، ويبدو أن الجهات الفلسطينية المسؤولة تغضّ الطرف عن اللقاءات لأنّها تسهم في تسيير شؤون التجّار وإنعاش النشاط الاقتصاديّ، مع أن الأخطر من هذه اللقاءات وجود استثمارات فلسطينيّة في إسرائيل بمليارات الدولارات، عبر التجّار المرتبطين بالسلطة الفلسطينيّة.

هذه اللقاءات تأتي تطبيقاً للخطّة الإسرائيلية "العصا والجزرة" بالتوجّه المباشر للفلسطينيّين، ووضع قائمة بأسماء رجال أعمال تجري اتصالات مباشرة معهم، ولذلك من الصعوبة بمكان القفز عن حقيقة مفادها أن هذه اللقاءات تهدف لتحقيق فوائد اقتصاديّة للمجتمع الرأسماليّ الفلسطينيّ الساعي للسيطرة على القرار السياسيّ الفلسطينيّ، ودعم الارتباط بالاقتصاد الإسرائيليّ، تمهيداً لانهيار السلطة، وتنفيذ توجّه إسرائيل للسلام الاقتصاديّ، لأنها لن تتخلّى عن تحكّمها بالاقتصاد الفلسطينيّ لعمالته الرخيصة وتوافر الموادّ الخامّ.

مع العلم أنه من الفوائد التي يحقّقها التجّار الفلسطينيّون من اللقاءات، حصولهم على بطاقات إسرائيليّة توفّر لهم دخول إسرائيل بسهولة والسفر عبر مطار بن غوريون، وسرعة المرور على الحواجز الإسرائيليّة بالضفّة بدل الانتظار لساعات، ويدور الحديث عن إصدار إسرائيل آلاف البطاقات.

تتم اللقاءات التجارية والاقتصادية بصورة ثنائيّة دون تدخّل السلطة الفلسطينيّة، وكثير من التسهيلات التي تقدّمها إسرائيل لرجال الأعمال الفلسطينيّين تعلن بعد هذه الاجتماعات، دون إطلاع السلطة عليها، سعياً من إسرائيل لتجاوزها، واعتماد الاتصال المباشر بالفلسطينيّين، وتقديم الخدمات المباشرة من تنسيقات وتصاريح وحلّ مشاكل من دون إشراكها.

تعتبر اللقاءات التجاريّة الفلسطينيّة الإسرائيليّة جزءاً من استراتيجيّة إسرائيليّة لإقامة شبكة علاقات مع الرأسماليّين الفلسطينيّين وإنشاء علاقات اقتصاديّة ومصالح معهم فيستفيدون من التسهيلات التي تقدّمها إليهم في الاستيراد والتصدير وحريّة الحركة والدخول إليها، بعيداً عن السلطة الفلسطينيّة، تمهيداً لتحقيق السلام الاقتصاديّ.