تخبرنا الروايات القادمة من زمن المفاخر والانتصارات أن الصحابة كانوا يستعدون وينتظرون شهر رمضان قبل ستة أشهر ليتقربوا به لله عز وجل صلاة وصياما وقياما، لأنه بوصف الله عز وجل أيام معدودات، وفيه ليلة (خيرٌ من ألفِ شهر) فيجب استثمارها جيداً ليخرجوا من رمضان وقد غفر الله لهم ذنوبهم، لكن الواقع الذي نعيشه الآن يقول إن الكثيرين ينتظرون رمضان بفارغ الصبر من أجل قضائه على غير مبتغاه، فيترقبون المسلسلات ويتابعونها ويحفظون أحداثها عن ظهر قلب.
فليس من قبيل الصدفة أن تعج الفضائيات العربية في شهر رمضان بالمسلسلات والبرامج والأفلام التي لن نكون من الظالمين لو قلنا إن أكثرها هابط ولا يقدم محتوى يرفع مستوى الفرد والمجتمع، بل يزيد من إعادة انتشارها في قاع الهبوط والانحطاط.
فلو أجرينا بحثاً سريعاً على الفضائيات العربية ، سنجد عددها أكثر من 1300 فضائية وفق إحصائية عام 2015 وسنجد أن الفضائيات ذات الطابع الديني قليلة، في حين الفضائيات ذات الطابع الهابط التي تعرض برامج ومسلسلات لا يليق عرضها في غير رمضان فكيف بها تُعرض في رمضان، لها نصيب الأسد، وللأسف يقع الكثير منا ضحية هذه الفضائيات، فتراهم يقضون ليالي متنقلين بين مسلسلٍ وبرنامج، ولأن هذه الأعمال تستخدم أساليب دعاية تخلق التشويق والفضول لدى المشاهدين ويقوم عليها خبراء إعلاميون وفنيون يشتغلون بكل إخلاصٍ تحت إمرة الشيطان، وتحظى بتمويلٍ هائلٍ من أجل أداء المهمة وهي تشويه صورة شهر رمضان، فإن الإنسان يقضي وقتاً طويلاً دون أن يشعر بذلك.
إن كثافة الفضائيات ببرامجها الهابطة لا يجب أن تقنعنا بأن هذا الهبوط هو منهج حياة أو رغبة جماعية، وعلينا الاستسلام لأفكارها ورغباتها، بل علينا مقاومتها من خلال البحث عن الفضائيات التي تقدم لنا ما ينفعنا وتقربنا أكثر لله ولرسوله وللقيم السامية، وتعلمنا كيف نحفظ أنفسنا وأهلينا.
عزيزي ولي الأمر:
ما شعورك وأنت تشاهد برفقة عائلتك في شهر رمضان برامج ومسلسلات فيها مشاهد مخلة بالآداب؟ ألا تعلم أن هذه المشاهد هي مداخل للشيطان؟ ألا تعرف أن قبولك بذلك يعني شرعنة تطبيق تلك المشاهد في الواقع؟ إن كنت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم، واعلم أن الإنسان سيُسأل في قبره عن عمره فيما أفناه؟ فماذا ستكون إجابتك لو قضيت أنت أو من هم من رعيتك الوقت الكثير تتنقلون بين الفضائيات التي لا تزيد في رصيدكم إلا الذنوب،
واعلم أن الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك.