جاء لافتا أن تسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الساعات الأخيرة للمرة الأولى منذ سنوات، بإدخال مركبات مدرعة إلى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بتبرع من الاتحاد الأوروبي، حيث تلقت أجهزة الأمن الفلسطينية عشر مركبات مدرعة، تم نقلها إلى الضفة الغربية عبر الأردن بموافقة إسرائيل.
قد يكون سبب الاستغراب أن الموافقة "الأمنية" الإسرائيلية تأتي في ظل القطيعة "السياسية" بين رام الله وتل أبيب، مما يطرح السؤال القديم الجديد: لماذا تحافظ السلطة الفلسطينية على علاقاتها "الأمنية" مع إسرائيل، فيما تقطع الأخيرة علاقاتها "السياسية" معها؟
هناك الكثير من الأسباب التي تحاول تفسير هذه الموافقة الإسرائيلية، لاسيما على خلفية تزعزع الوضع الأمني في مناطق السلطة الفلسطينية، وأن أجهزة الأمن الفلسطينية باتت بحاجة للمركبات المدرعة، حيث تقدر الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن الوضع الأمني الفلسطيني بحاجة لمزيد من الضبط في ظل تفلتات متزايدة في الشهور الأخيرة، لاسيما مع عدم قدرة السلطة الفلسطينية على إحكام سيطرتها الأمنية على الضفة الغربية.
يمكن الإشارة في هذا السياق إلى موافقات إسرائيلية سابقة على إدخال عتاد ووسائل قتالية إلى أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، بجانب أسلحة خفيفة وذخيرة وأجهزة اتصال وسترات واقية من الرصاص، في ظل التقييم الإسرائيلي لأداء الأمن الفلسطيني بأنه يعمل بشكل "ناجع" ضد نشطاء المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، ومسئول عن إحباط نسبة كبيرة من العمليات والهجمات المسلحة.
هذا يعني بالضرورة أن التنسيق الأمني الفلسطيني الإسرائيلي ما زال قائما على قدم وساق، حيث تكثف أجهزة أمن الجانبين من عملها في الأسابيع الأخيرة للقيام بعملية ملاحقة مكثفة خلف خلايا مسلحة نائمة يتوقع أن تنفذ هجمات ضد الجيش والمستوطنين.
إن الموافقة الإسرائيلية على إدخال مركبات مصفحة ومعدات قتالية إلى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يوضح بما لا يدع مجالا للشك تلك العلاقة الوطيدة بين الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية في محاربة المقاومة، والاتفاق على حصارها، وتضييق الخناق عليها.
إنّ التنسيق الأمني الفلسطيني الإسرائيلي الذي يدور الحديث عنه في الشهور الأخيرة؛ هو أعلى من المستوى الذي كان يجري في السنوات السابقة، في إشارة لوجود أشكال من التنسيق السري خلال السنوات الماضية، وهو أمر كانت تنفيه على الدوام تلك الأجهزة.
كما أن التنسيق والتعاون الأمني بين جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية ضد فصائل المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، بلغ مستويات لم يسبق لها مثيل منذ التوقيع على اتفاقية أوسلو سنة 1993، ولعل موضوع إدخال المدرعات المصفحة هناك دليل جديد على العلاقة الأمنية الوطيدة بين رام وتل أبيب رغم قطيعتهما السياسية.