مدح النفس درب من دروب الغرور، وهو دليل الأنانية والتعالي على الآخرين، وفيه خيلاء ورياء، لهذا كله نهى الله - تعالى – عن ذلك بقوله: (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)، قال القرطبي – رحمه الله – في تفسيره هذه الآية: "لا تمدحوا أنفسكم وتثنوا عليها، فإن هذا – أي ترك مدح النفس – أبعد عن الرياء، وأقرب إلى الخشوع" فالله هو الخالق وهو يعلم بالمتقين وغيرهم.
ومادح نفسه كذاب كما اشتُهِرَ على لسان العامة، وهذا صحيح؛ لأنه لكثرة ما يمدح نفسه لا محالة واقع في الكذب، فيصف نفسه بما فيها وما ليس فيها.
ومادح نفسه فيه ما فيه من الرياء والسمعة؛ فهو يفعل ذلك تسويقاً لنفسه بين الناس، وفخراً وزهواً بهذه النفس، وفي القرآن الكريم: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا)، لا يحب الله المختال الفخور المعتد بنفسه، لما فيه من النفاق والعلو على الآخرين.
ومادح نفسه مغرور، قد يقتله غروره، ولله درّ الشاعر إذ قال:
لله درّ الغرور ما أعدلهبدأ بصاحبه فقتله
فهذا يقتله غروره لأنه لا يرى في الكون إلا نفسه، فينسى الناس فينسونه، ولا يكترثون به، ويكرهوا لقاءه والاختلاط به، لكثرة ما يحدث عن نفسه.
ومادح نفسه أنانيّ يحب ذاته، ولا يحب غيره، يحب الخير لنفسه فقط، ويكرهه لغيره، وفي هذا يقول النبي r: "والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، فمادح نفسه بنص هذا الحديث ناقص الإيمان، لأنه لا يحب للناس ما يحبه لنفسه، وكيف فعل ذلك وهو يدعي دوماً أنه الأفضل والأحسن.
وأخيراً فعلاج ذلك التواضع، أن يتواضع المرء للناس، ويرى أنه وهم على السواء، فمن تواضع لله رفعه كما جاء في الحديث عن النبي r.