كثير من ضعاف النفوس تراهم يلوون ألسنتهم عن لغتهم التي يتحدثون بها، ويحاولون خلط كلامهم بكلمات من لغات أخرى، ظنًّا أنهم متحضرون، واعتقادًا أن مجرد من يقلد المتحضّر يصبح بالتقليد متحضرًا.
هؤلاء يعتقدون أن التحضّر يتمثل في اعوجاج اللسان، وأن الإنسان يكون متحضرًا بقدر ما يجيد من لغات الآخرين، وبقدر ما يخلط لغته بلغتهم.
وهذا جهل جهل، لأنهم يحسبون أن التحضر بهذه الطريقة، فالتحضر ليس كذلك، إنما التحضر أن تتعلم كيف ترقى بنفسك وفكرك، وأن يكون سلوكك إيجابيًّا منتجًا، يوافق مكارم الأخلاق ومنظومة القيم والمثل والمستمدة من عقيدتك، وأن تكون إنسانًا متميّزًا تقدم للناس ما يفيدهم ويسهل حياتهم.
هذا هو التحضر، أما مجرد اعوجاج اللسان، والرطانة بلغة الآخرين فهذا انهزام، وعدم ثقة بالنفس، وتشكيك في أصول الثقافة، وطعن في اللغة التي اختارها الله (تعالى) لتكون وعاء لكتابه العزيز.
ومما لا شك فيه أن أحسن الكلام هو كلام الله (تعالى)، وهو قرآنه الذي أنزله على قلب محمد r، والقرآن قد نزل بلغة العرب، يقول الحق (عز وجل): (إنا أنزلناه قرآنًا عربيًّا).
أيضًا الرطانة بغير العربية عيب، لأن من يفعل ذلك يحقر لغته، ويقلل من شأنها، وهو بعيد كل البعد عن الحقيقة، فلو كان هناك لغة أفضل من لغة الرب لأنزل الله (تعالى) بها كتابه، ولكن لما اختار الله (تعالى) لغة العرب للقرآن كان ذلك شهادة من الله (تعالى) على أن هذه اللغة هي خير لغات الأرض، وهي كذلك لغة أهل الجنة كما أخبر محمد r.
وبعد أقول لمن يحسبون أن ما يرطنون به من لغات هو أفضل من لغتهم العربية اسمعوا ما قال بعض علماء الغرب عن العربية:
يقول إرنست رينان -وهو عالم فرنسي-: "اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر".
ويقول الألماني فريتاج: "اللغة العربية أغنى لغات العالم".
ويقول وليم ورك: "إن للعربية لينًا ومرونةً يمكنانها من التكيف وفقًا لمقتضيات العصر".