فلسطين أون لاين

غرفة واحدة مأوى لعائلة مكوّنة من تسعة أفراد

الطفل "أبو فول" يأمل الاستقلال عن أخواته البنات حشمةً وحياءً

...
الزميل خضر عبد العال خلال لقاءه مع العائلة
غزة/ خضر عبد العال:

في مدخل بيتهم الصغير ينام الطفل وسيم محمد أبو فول وأخواته الستة، وفي المدخل ذاته ثلاجة قديمة غلب الصدأ على مظهرها الخارجي، إذ تتخذه العائلة المستورة مطبخًا، وهناك غرفة واحدة للأب والأم.

ما تقدم هو وصف لبيت عائلة المواطن محمد أبو فول (42 عامًا)، الذي تبلغ مساحته 40 مترًا مربعة، ويقع في أحد أزقة مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، غربي مدينة غزة.

ويقول وسيم لـ"صحيفة فلسطين": "أنام في صالون البيت مع خواتي الستة، وزي ما أنت شايف، المكان ضيق، بعدين أنا كبرت وصرت راجل، وخواتي صاروا صبايا، وما بينفع أن نبقى مع بعض هنا".

هذه العبارة خرجت من الطفل الصغير بعدما ضاق البيت بأهله، وربما كثير من أقاربه لا يعرف معانيها، لكن ضيق حال العائلة جعل وسيم أكبر عقلًا وتفكيرًا من الأطفال في مثل سنه.

ويضطر الطفل ذو الأعوام العشر إلى الخروج من البيت أو الصعود فوق سطحه، في حال تريد إحدى أخواته تبديل ملابسها؛ فلا توجد لهن غرفة مستقلة، وفق تعبيره.

وبصوت متحشرج يناشد الطفل أهل الخير وميسوري الحال مساعدة عائلته ببناء غرف مستقلة لأخواته، فيقول: "صرت أخجل من خواتي لأني كبرت وهما كبروا، لهيك أتمنى من أهل الخير يعملولهم غرفة لحالهم".

100 شيكل شهريًّا

الوالد أبو فول الذي كان يعمل في المنطقة الصناعية "إيرز" شمال قطاع غزة يوضح لـ"فلسطين" أن معاناته لا تقل عن معاناة كثيرين من أهالي قطاع غزة، الذين ضاق بهم الحال بعد اشتداد وطأة الحصار الإسرائيلي.

ويبين الأربعيني أنه بعد إغلاق العمل في المنطقة الصناعية اضطر إلى فتح بسطة صغيرة أمام عيادة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في مخيم الشاطئ، يبيع عليها حاجيات الأطفال، ويستر بها عائلته الكبيرة العدد.

ويضيف: "دخل البسطة محدود جدًّا، في الشهر أحصّل 100 شيكل، تصرف ما بين أكل وشرب ومصروف للبنات"، ويساعده في ذلك "كوبون" (أونروا) الذي يضطر أحيانًا إلى بيع جزء منه من أجل إعطاء بناته مصروفهن المدرسي، واشتراء بعض الخضراوات.

وحصل أبو فول على تعويض مالي بعد انتهاء عمله في "إيرز" الصناعية، على أساس أن يبني به غرفةً لبناته فوق سطح البيت، لكن ذلك المبلغ لم يبن سوى جدران باتت جحورًا للفئران، وسقفًا تدلف منه مياه الأمطار كل شتاء.

ومن فصول المعاناة أن ابنته الكبرى البالغة (17) عامًا تستعد لاختبارات الثانوية العامة بعد أقل من شهر، ولا يتوافر لها مكان هادئ للدراسة أو النوم، ولا غذاء صحي لمواصلة دراستها ليل نهار، لضيق حال العائلة الفقيرة، فاضطرت للذهاب إلى بيت جدها لتدرس هناك.

فضلًا عن عدم قدرته على علاج طفلتيه الصغيرتين شام (عام ونصف) وديمة (3 أعوام)، فتعاني الصغرى تقوّسًا في قدميها، والأخرى مرض "الثعلبة" في شعرها، كما يقول.

ويناشد أهل الخير مساعدة عائلته بإتمام بناء غرفة فوق سطح بيتهم من أجل استقلال البنات عن أخيهم، أو توفير بيت أوسع.

زوجته أم وسيم تقول: "أطلب من أهل الخير أن يساعدونا، لأننا بأمس الحاجة للمساعدة، وتوفير شغلة لزوجي عشان يشتغل ونقدر نعيش زي الناس، ونعطي البنات مصروف ونطعميهم، ونعالجهم".

وتضيف الأم: "الثلاجة خربانة والصدى أكلها، ولا غسالة ولا غاز ولا شيء، الحمد لله، إحنا بدنا نعيش عيشة محترمة بس".

وتخجل الأم من أولادها حين يأتي ضيوف لزيارتهم، فلا يوجد مكان لاستقبالهم سوى ذاك المكان الذي ينامون فيه.

أما الطفلة لمى (8 أعوام) فأمسكت بيد مراسل "فلسطين" قبل خروجه من بيتهم، وقالت بتوسل: "عمو (..) أمانة عليك خليهم يساعدونا عشان نصرف على حالنا، وزي ما أنت شايف المكان ضيّق كتير علينا".