شكل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة صفعة لرئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) وهو على أعتاب تشكيل حكومة جديدة، ليضعه أمام تحديات جديدة، خاصة بعد التقدم في أسلوب الدفاع والمواجهة لفصائل المقاومة وغرفة العمليات المشتركة، وإدارة المعركة ببسالة أمام العدو الصهيوني.
لم يتعد العدوان الصهيوني الأخير على غزة يومين، ولكنه كبد الكيان الصهيوني خسائر فادحة على الصعد كافة، إذ استخدمت المقاومة في العدوان صواريخ جديدة ذات قوة تدميرية عالية تتوسع رويدًا رويدًا، ما جعل الكيان الصهيوني يفقد كيانه.
أطلقت المقاومة خلال المعركة الأخيرة مع الأخيرة قرابة (700)، صاروخ اعترف جيش الاحتلال باعتراض (240) فقط، ما يعني أن القُبب الحديديّة فشِلت في اعتراض (460) استطاعت الوصول لأهدافها في الكيان، حيث حققت صواريخ المقاومة الفزع والرعب وسط الصهاينة، حتى فتحت الملاجئ في كثير من "المدن الصهيونية"، ومنها (تل أبيب)، والحياة العامة والدراسة توقفت في كثير من "المدن الصهيونية".
إن المراقبين العسكريين في الكيان تحدثوا بصراحة أنه لا يمكن لأي حكومة إسرائيلية قبول هذا الكم من الصواريخ في مدة زمنية قصيرة، وهذا الحجم من الأضرار الهائلة في الحياة العامة، فيصف المحللون السياسيون في الكيان (نتنياهو) بالرجل الضعيف الذي خاض جولة عسكرية بلا حكومة فاعلة ولا (كابينت) ولا مستوى سياسي قادر على أخذ وصناعة القرارات، ويجب على (نتنياهو) الاعتراف بأن سياسته التي اتبعها مع غزة خلال السنوات العشر التي قضاها في الحكم هي سياسة فاشلة، وانهارت أمام هذا الوابل من الصواريخ الذي انهمر على الكيان خلال يومين.
لقد تكبد الكيان الصهيوني خلال العدوان الأخير الخسائر الهائلة، إذ نشر صندوق التعويضات التابع لسلطة الضرائب الصهيونية أرقام وإحصائيات لخسائر الجولة الأخيرة التي لحقت بـ"مدن الاحتلال" خلال التصعيد الأخير من صواريخ المقاومة، واعترف الكيان الصهيوني حسب وسائل الإعلام العبرية في تقرير لسلطة الضرائب بالخسائر والأضرار، التي طالت "المدن والمناطق الإسرائيلية" نتيجة استهدافها بصواريخ المقاومة، إذ أفاد التقرير الإسرائيلي أن أسدود وعسقلان كانتا أكثر المدن الصهيونية تضررًا، إذ شهدت أسدود تضرر (166) مبنى تضررًا مباشرًا، و(90) حالة تلف للمركبات، أما في عسقلان فسجلت (182) حالة ضرر مباشر في المباني، و(50) حالة ضرر في المركبات، وبين التقرير أن صواريخ المقاومة التي وصلت إلى (كريات غات) و(سديروت) والمستوطنات الأخرى في "غلاف غزة"، شهدت حدوث (130) إصابة مباشرة بالمباني وعشرات الأضرار في المركبات، وأقر صندوق التعويضات أنه خلال الأيام الماضية رفع (754) طلبًا للتعويض عن الأضرار المباشرة التي أعقبت سقوط الصواريخ، معظمها من أسدود وعسقلان، وفحصت 95% من الأضرار، وأجليت 10 عائلات تضررت منازلها بسبب الصواريخ، إلى الفنادق التي تمولها المؤسسة، وبعضهم عاد لاحقًا إلى منزله، وآخرون انتقلوا إلى سكن بديل.
وقد تركت الحرب على غزة والمواجهة الباسلة لفصائل المقاومة أثرها الكبير على استعدادات الكيان الصهيوني لتنظيم المسابقة الغنائية الأوروبية الشهيرة (يوروفيجين)، التي سعى الكيان منذ زمن إلى ضيافتها من أجل كسب ود وتعاطف الشعوب الأوروبية؛ فنصف تذاكر المسابقة المعروضة للبيع لم تبع، وهذا سيسبب خسارة للكيان، إذ كشفت وسائل الإعلام العبرية عن توقعات بحضور أعداد أقل من المتوقع لحضور (المسابقة الأوروبية اليوروفيجين)، فيقدر عدد الذين سيصلون إلى الكيان الصهيوني (15.000) سائح.
إن الخسائر المعنوية التي تكبدها الكيان من صواريخ المقاومة الفلسطينية هي أبلغ تأثيرًا وصدى من الخسائر المادية، وإنها ساهمت في تخريب صورة الكيان الدولية، فضلًا عن فشل المستوى السياسي في الكيان في التعامل مع هذه المعركة.
إن المعركة الأخيرة لقنت العدو الصهيوني دروسًا في التفكير ألف مرة قبل أي مغامرة عسكرية غير محسوبة مع غزة، إذ واجهت غزة المحاصرة العدوان الصهيوني ببسالة وشراسة، وفرضت المقاومة الفلسطينية معادلات جديدة في المعركة الميدانية، واستطاعت ضرب أهداف في الكيان، وإيلام العدو وتكبيده خسائر كبيرة.