تكررت حوادث إطلاق النار على شخصيات فلسطينية بالضفة الغربية، طالت نوابا في المجلس التشريعي وأطباء ومسئولي مؤسسات، بجانب انتشار السلاح في حل الخلافات الشخصية، وزيادة الشجارات العائلية، وظهور أفراد الأجهزة الأمنية متورطين بهذه الفوضى والفلتان الأمني، وسط غياب تام للجيش الإسرائيلي عن ملاحقة السلاح.
يمكن إعادة أسباب التوتّرات الأمنيّة الأخيرة في الضفة الغربية لجملة من العوامل، أهمها سوء الأوضاع الاقتصادية فيها، وما تعانيه مخيّماتها من الفقر والبطالة، وفي حال لم تسارع السلطة الفلسطينية لضبط هذه التحرّكات الميدانيّة، فإنّ الضفة تنزلق إلى الهاوية.
وهناك من يتهم شخصيات فلسطينية نافذة بالضفة بالتسبّب بمشاكلها الأمنيّة، وتسميم العلاقات الداخلية، بسبب خلافاتها العميقة، ورغبتها بفرض نفوذها على مدنها ومحافظاتها، مع زيادة الحديث عن اليوم التالي لغياب الرئيس عباس عن المشهد.
وعلم كاتب السطور أن قيادات فتحاوية بعثت برسائل لعبّاس، تطالبه فيها بالتدخّل لإنقاذ الضفة من الفوضى الأمنية، لأنّ أهلها متخوّفون، والقلق يسيطر على الشارع، فإطلاق النار يوميّ، وإغلاق الشوارع، وإحراق الإطارات في كلّ موقع، وتصفية الحسابات بين مسؤولي السلطة ينفّذ على المكشوف، وفي وضح النهار، ما يعني أن هناك جهات متنفّذة في السلطة معنيّة باستمرار الفوضى.
يتحدث سكان الضفة علانية عن وجود تصفية حسابات بين القادة الفلسطينيّين من داخل السلطة وحركة فتح، ورغبتهم بفرض حقائق على الأرض كي يزيد نفوذهم على حساب آخرين، مع انتشار واضح للسلاح في المدن، وتزايد لحالات إطلاق النار، وعدم قدرة على توجيه أحكام صارمة من قبل السلطة ضدّ الأفراد والمجموعات التي تفتعل هذا الفلتان الأمنيّ والفوضى.
تعيش الضفّة على صفيح ساخن من الفوضى الأمنيّة الّتي تزداد يومًا بعد يوم، وليس هناك بوادر مشجّعة للقضاء عليها، والتّخفيف منها، وسط تقديرات بازديادها، إذا غادر عبّاس المشهد السياسيّ دون ترتيبات أمنيّة وسياسيّة متّفق عليها مع قادة فتح، ما يفسح المجال لتحذيرات من نشوء مناطق نفوذ أمنيّة داخل الضفّة الغربيّة.
وفيما تلاحق المخابرات الإسرائيلية وجيش الاحتلال كل قطعة سلاح وذخيرة، مهما صغرت، فإنها تزوّد الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالسلاح، لأنّها متأكّدة أنّه لن يوجّه إليها، ولذلك يتجوّل المسلّحون في الشوارع بأسلحتهم، وأمام الكاميرات، ولا تعتقلهم إسرائيل، وفي اللّحظة الّتي يدخل فيها الجيش لمدن الضفة يختبئون منه.
واللافت أن السلطة الفلسطينية تحقق نجاحات متلاحقة لمصادرة سلاح المقاومة الذي يستهدف الاحتلال، فيما تبدي عجزا مثيرا للتساؤل أمام انتشار سلاح الفوضى الأمنية الذي يبث الخوف والقلق بين الفلسطينيين.