فلسطين أون لاين

​تقدير موقف

مدى جدية التخوف الإسرائيلي من انهيار تدريجي للسلطة الفلسطينية

تداولت وسائل الإعلام في الساعات الأخيرة أخبارًا أكدت وجود مساعٍ فلسطينية وإسرائيلية لإيجاد مخرج "آمن" لحل أزمة أموال المقاصة التي تجمعها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية، واقتطعت قبل شهرين جزءاً منها يوازي ما تدفعه السلطة من مساعدات لعائلات الشهداء والأسرى، خشية منها أن تقود الأزمة المالية التي تعانيها لحالة من انهيارها التدريجي، بما لا يخدم المصلحة الإسرائيلية.

وفي ظل رفض السلطة الفلسطينية، حتى الآن، بقبول مئات ملايين الشواكل من المقاصة، وطلبها استعادة كامل الأموال المقتطعة، فإن هناك مباحثات ماراثونية تجري خلف الكواليس للبحث عن حلول تسمح بتحويل الأموال للسلطة، لمنع انهيارها، بناءً على توصية أجهزة الأمن الإسرائيلية، التي دعت الحكومة لإعادة الأموال بسبب مخاوفها الشديدة من انهيار مفاجئ للسلطة.

كثير من النقاش المشروع يدور حول مدى جدية التخوف الأمني الإسرائيلي من انهيار السلطة، في ظل التساؤلات المشروعة حول حقيقة الأزمة المالية التي قد تهدد سلطة كاملة لا تستطيع الصمود عدة أشهر أمام تقليصات مالية إسرائيلية، وليس لديها بعض من الاحتياط الذي يجعلها على قيد الحياة.

هذه التساؤلات تكتسب مشروعيتها من عدم وجود قرار إسرائيلي إقليمي دولي بالسماح بانهيار السلطة، نظرا للعوائد الكبيرة التي يحققها بقاؤها لكل الأطراف، مما قد يجعل، وأقول قد، من التهديد بانهيارها جزءا من ابتزاز تمارسه السلطة على "إسرائيل"، دون أن نصدق هذه الفرضية، فالسلطة قائمة، وموجودة، وبقاؤها مصلحة محلية وإقليمية ودولية، والإسرائيليون ربما أكثر الأطراف استفادة من بقائها، ولو على أجهزة التنفس الاصطناعي.

في الوقت ذاته، فإن "إسرائيل" تدرك حدود الابتزاز الذي قد تمارسه السلطة، لذلك فإن الضغط عليها قد يبقى قائما في المدى القريب، مع بعض الحلحلات الجزئية، لكن السلطة ستبقى بين السندان والمطرقة في غياب مسار سياسي جدي، وإعلان متوقع للحكومة الإسرائيلية الجديدة، والكشف الوشيك عن الخطة الأمريكية للتسوية المسماة "صفقة القرن".

هذا يعني أن السلوك الإسرائيلي الحاصل باتجاه إعادة جزئية للأموال المقتطعة لخزينة السلطة يأتي للحفاظ على الاستقرار الأمني في الضفة الغربية، كي لا تصل الأمور لانهيارها كلياً، في تطبيق دقيق لإستراتيجية "إسرائيل" القائمة على قاعدة "لا تحيا ولا تموت".

بقي القول: إن التقدير الأمني الإسرائيلي يشير إلى أن الوضع السكاني والاجتماعي للضفة الغربية لن يكون لديه ذات الجلد والصبر وقدرة تحمل نشوب أزمة اقتصادية معيشية، كما هو الحال بقطاع غزة، وهذا مكمن قلق إسرائيلي جدي، لأنه سيجد ترجمته في اندلاع مظاهرات ميدانية، وفقدان تدريجي للسيطرة الأمنية على الضفة!