فلسطين أون لاين

تقدير موقف

معالم حرب لبنان الثالثة، في حال اندلعت!

ما زالت الجبهة الشمالية لدولة الاحتلال، وتحديدا لبنان، تمثل معضلة كبيرة وخطيرة، تتفوق على ما سواها من الجبهات المشتعلة المحيطة بالإسرائيليين، سواء الجنوبية في غزة، أو في الضفة الغربية، وحتى الشمالية مع سوريا.

تحدثت كثير من التقارير العربية والإسرائيلية في الآونة الأخيرة عن وجود حالة من الاستنفار المتبادل بين بيروت وتل أبيب، مع مخاوف متبادلة من نشوب مواجهة عسكرية كبيرة، بعد أن بدأت الحرب في سوريا تضع أوزارها من جهة، وتسكين جبهة غزة من جهة ثانية، وزيادة الضغوط والعقوبات الأمريكية على إيران من جهة ثالثة.

يبدو صعبا التسليم بهذه التقارير، أو الاعتقاد بأن حرب لبنان الثالثة باتت قاب قوسين أو أدنى، لأن وجود دوافع باتجاه إشعالها، يقابله عوامل تكبح جماحها، ومع ذلك فإن الجاهزية الإسرائيلية لإمكانية اندلاع مثل هذه الحرب وصلت ذروتها في الآونة الأخيرة.

يجمع العسكريون الإسرائيليون على أن الحرب القادمة مع حزب الله ستشهد إخلاء تجمعات استيطانية، لا سيما المحاذية للحدود اللبنانية؛ لأنه سيوفر لحماية للإسرائيليين، ويفسح المجال أمام الجيش لتنفيذ عملياته بأريحية عسكرية وميدانية كاملة، في ظل تحضيرات الحزب لمهاجمة الجيش الإسرائيلي في حال تعمق داخل الأراضي اللبنانية.

المعلومات الإسرائيلية المتوفرة عن قدرات الحزب تتحدث عن حيازته منظومة نارية تقدر بمئة ألف صاروخ وقذيفة بمديات مختلفة قادرة على استهداف مواقع إستراتيجية في قلب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بجانب قدرات هجومية متطورة بهدف احتلال مناطق من الجليل شمال فلسطين المحتلة.

في ذروة استعدادات الإسرائيليين لأي حرب تندلع مع لبنان، فإنهم يرصدون جهودا لمواجهة التفوق الاستخباري الذي يحوزه الجيش، والتشويش على عملياته البرية، والعمل على افتتاح حرب السايبر ضد المنظومة التكنولوجية الإسرائيلية، وتوسيع رقعة تهديدات القذائف الصاروخية المتقدمة، وتحسين قدراته الدفاعية الجوية.

ويسعى الحزب لزيادة استخدام الطائرات المسيرة دون طيار التي تخترق الأجواء الإسرائيلية، وزيادة الاستثمار بقدراته البحرية، وإرسال مئات المقاتلين إلى المنطقة الحدودية مع لبنان، والمس ببنى تحتية إستراتيجية.

بعيدا عن تفاصيل أي مواجهة عسكرية مفترضة بين الحزب و"إسرائيل"، فما زال التهديد القادم من الشمال هو الأكثر خطورة وتدميرا من بين الجبهات الأخرى، ما يؤكد أن الحرب القادمة مع لبنان ستكون دامية على جانبي الحدود، فالدولتان ستتلقيان ضربات نارية هائلة، في ظل قرار الطرفين المتوقع بتفعيل قوة وكثافة نارية غير مسبوقة.

ستكون حرب لبنان الثالثة في حال قدر لها أن تندلع، مختلفة كليا باستهداف البنى التحتية للدولة اللبنانية بأسرها، لأن أهم درس استخلصه الاحتلال من حرب لبنان الثانية 2006، يكمن في عدم التفريق بين الحزب والدولة اللبنانية.