نحن شعب فلسطيني واحد وما نعانيه يعاني منه الكل الفلسطيني وما يدهمنا من خطر لن يقتصر على مجموعة دون مجموعة, بل الخطر سيداهم الجميع وهذا الكل يحتاج إلى رسم خارطة طريق لمواجهة هذا الخطر الداهم عبر ما يسمى بصفقة القرن والتي تريد الإدارة الأمريكية فرضها على الشعب الفلسطيني وفيها ما يجرد الفلسطينيين من حقوقهم ويقضي على آمالهم بالدولة والتحرير.
ونحن جميعا مهددون بهذه الصفقة, وفشلت من قبلها كل الحلول وكل المفاوضات وكل الاتفاقيات لتحقق الحد الأدنى مما تبنته القيادة الفلسطينية ولم يقنع الاحتلال والإدارة الامريكية كل التنازلات التي قدمت, ومنها تخلينا عن 78 % من حقنا الفلسطيني على كامل الأرض الفلسطينية لنقيم عليها دولتنا ونسترد حقنا المنهوب منذ أكثر من سبعين عاما.
الفشل قائم والطمع يزداد فهل من المنطق الاستمرار بنفس السياسة الفاشلة في التعامل مع القضية والتعامل مع المحتل ومع المجتمع الدولي الذي تسيطر عليه أمريكا، وتغيير السياسة الفاشلة في التعامل مع القضية يحتاج إلى سياسة جديدة تلقي بالماضي في واد سحيق وتعيد إنتاج سياسة جديدة لأن الواقع يقول إن السياسة القديمة فاشلة والاستمرار فيها هو ضياع لكل الحقوق ودمار للمشروع الوطني, وإنهاء القضية الفلسطينية بالكامل والمنطق السليم يقول بالعودة عن سياسة التفريط, لأن العدو يطمع بالمزيد والسير في طريق التفريط يغري الاحتلال بكل الأرض ولا يقنعه بالقسمة معه فيها أو الشراكة معه عليها، وهذه القسمة والشراكة مع المحتل غير مقبولة على الكل الفلسطيني الذي لا يؤمن بها وإن آمن فريق من هذا الكل وفشل, وفتح مجالا للمحتل بمزيد من الطمع والسيطرة وشطب القضية الفلسطينية واعتبار فلسطين التاريخية غير موجودة ومن يؤمن بها يخادع نفسه وأن فلسطين التي يرونها هي ليست فلسطين التاريخية بل هي في مكان مختلف.
ما نحتاجه في هذا الوقت الصعب والخطير لمواجهة مشاريع التصفية ليس هيئة جديدة ولا اصطفافا جديدا فهذا لن يقدم أو يؤخر وغير مقنع للكل الفلسطيني، ما نحتاجه والخطر يداهمنا جميعا من فرطنا, وانقسامنا على أنفسنا نحتاج مرة أخرى أن نجتمع معا دون العودة إلى إقليم أو مجتمع دولي, وأن نقرر ما نريد وأن نرسم لأنفسنا خارطة جديدة وفق المعطيات على الأرض والتي تؤكدها تحركات أمريكا وممارسات الاحتلال، هذه الخارطة هي برنامج عمل نحدد فيه الخطوات التي تعمل على مواجهة صفقة القرن ومشروع ترامب لتصفية القضية وعدم التمسك بالمشاريع الفاشلة والتي استغلت بشكل كبير لصالح الاحتلال وتصفية القضية, وكشفت الوهم الذي عاشه فريق منا بأن هناك دولة بالطريقة التي عرضت ووفق اتفاق جرى التفاوض عليه. ستة وعشرون عاما والنتيجة كانت صفقة القرن والتي تقضي على أمل الشعب الفلسطيني لو واصلنا التمسك بها.
لسنا بحاجة إلى مسميات جديدة ولا أجسام جديدة ولا هيئات تزيد الشرخ والانقسام نحن بحاجة إلى استراتيجية وطنية فلسطينية متوافق عليها وقابلة للتنفيذ بالتعاون والشراكة وتحمل المسئولية المشتركة وترك كل ما ترتب على الماضي من مشاريع ثبت فشلها وترتب عليها انقسام وخلافات كثيرة, إذا استمرت سنكون نحن وليس أمريكا والاحتلال السبب في ضياع قضيتنا، وعليه علينا أن نسارع, فالوقت يداهمنا وليس في صالحنا فلا مجال للمناكفة والخلاف، اليوم يوم الوحدة والتلاقي والاتفاق على قاعدة أننا جميعا في مركب واحد ونتعرض لخطر داهم وكبير لا يمكن لطرف أن يتصدى له منفردا ولوحده ، ولكن بوحدتنا كبيرا وصغيرا يمكن أن نقف سدا منيعا مهما، ومن يرفض يتحمل نتائج رفضه، ولكن علينا المضي سريعا وعدم الالتفات إلى الخلف.