فلسطين أون لاين

صفقة القرن قد لا تنفذ، لكنها تضع سوابق تفاوضية!

مع اقتراب العد التنازلي لإعلان صفقة القرن، الذي قد يكون وفق آخر التقديرات الأمريكية في يونيو القادم وبعد انتهاء شهر رمضان، يزعم مروجو هذه الصفقة أن تنهي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يتم في هذه الأيام أعوامه المائة.

مع العلم أن هناك العديد من الأصوات الفلسطينية والإسرائيلية، وحتى الغربية، التي بدأت تعلن في مرحلة ما قبل الإعلان عن الصفقة، أنها ولدت ميتة، وبدأ البعض بإصدار بيانات نعيها، في حين أن أطرافها المضطلعين فيها لا يخفون تحفظاتهم من بعض بنودها، بل إن بعضهم يعلنون على الملأ أنهم يرفضونها.

صفقة القرن لا تشمل الإعلان عن دولة فلسطينية، ولا انسحابا إسرائيليا من الضفة الغربية وفق حدود العام 1967، ولذلك ففي أعقاب الرفض الفلسطيني المعلن للصفقة، وهو الحد الأدنى من الموقف الفلسطيني، من المتوقع جدا أن تحذو الدول العربية حذو الموقف الفلسطيني، لأنها لا تستطيع الوقوف في وجه الرأي العام العربي، وتظهر كمن باعت القضية الفلسطينية مقابل مساعدات اقتصادية أمريكية.

تزعم دوائر صنع القرار في تل أبيب أن بعض الحكام العرب كانوا يأملون بأن يتم إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من أجل التفرغ للقضية التي تشكل لهم إشغالا حقيقيا، وهي التهديد الإيراني والاقتصاديات المنهارة في بلادهم.

اللافت أنه رغم ما تقدمه صفقة القرن من مغريات وامتيازات، فإن الحديث عن مواقف الساحة السياسية الإسرائيلية منها يبدو لافتا، لأن الجانب اليميني من الخارطة الحزبية لديه مخاوف أخرى من الصفقة، لأنها تتضمن ما يزعمه الإسرائيليون تنازلا عن مناطق جوهرية من الضفة الغربية، صحيح أن هذه المناطق لن تقام فيها دولة فلسطينية، وإنما تواجد للسلطة الفلسطينية، يمكن النظر إليها من قبل المجتمع الدولي على أنها حقيقة واقعة، تكتسب صفة الشرعية.

القراءة الإسرائيلية "الموضوعية" لمآلات صفقة القرن ترى أن الأمريكان سيعلنون عن صفقتهم، رغم تحفظات الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، الأمر الذي يعني أن هذه الصفقة سوف تدخل كتب التاريخ، كوثيقة أرشيفية وخطة إضافية وواحدة من مئات الخطط والمشاريع التي تم عرضها على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإنهاء صراعهم، دون نجاح.

لكن هذه الصفقة، ورغم أنها قد لا تنفذ لاعتبارات شتى: فلسطينية وإسرائيلية، لكنها، وفق التقييم الإسرائيلي، قد تترك تأثيراتها الخطيرة على مستقبل الصراع على الجانبين، فمن ناحية الحكومة الإسرائيلية ستمنح الصفقة مستقبلا أوراق تفاوض قوية أمام أي إدارة أمريكية مستقبلية، بحيث تبني مواقفها القادمة بناء على ما قدمته إدارة ترمب الحالية.

وعلى الجانب الفلسطيني قد تلغي الصفقة بنودا أساسية من على طاولة المفاوضات، وأهمها قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهنا مكمن خطورتها!